قلة مبالاة بها حتى تفوتهم أَو يخرج وقتها، أو لا يصلِّونها كما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف، ولكن ينقرونها نقرًا من غير خشوع ولا إخبات، ولا اجتناب لما يكره فيها من مثل العبث باللحية والثياب وكثرة التشاؤب والالتفات، لا يدري الواحد منهم كم صلى من الركعات، التي انصرف عنها، ولا ما قال من السور.
6، 7 - (الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ):
(الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ) أي: يقصدون الرياءَ بأَعمالهم، ويعملون حيث يرون الناس ويرونهم طلبًا للثناء عليهم، ولا يكون الرجل مرائيًا بإظهار العمل الصالح إن كان فريضة؛ فمن حق الفرائض الإعلان بها وتشهيرها لقوله صلى الله عليه وسلم: "وَلا غمَّةَ فِي فَرَائِضِ اللهِ" لأَنها أَعلام الإسلام، وشعائر الدين وتاركها يستحق المقت والذم، فوجب إماطة التهمة بالإظهار، وإن كان تطوعًا فحقه أن يخفى؛ لأَنه ممَّا لا يلام بتركه، ولا تهمة فيه، فإن أَظهره للاقتداء به كان جميلًا وإنما الرياءُ أن يقصد بالإظهار أن تراه الأَعين؛ فيثني عليه بالصلاح.
(وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ): قيل معناه: ويمنعون الزكاة عن مستحقيها من الفقراء والمساكين وباقي الأصناف التي تستحق الزكاة، ولا ترق قلوبهم للجياع والمحتاجين، وعن ابن مسعود: (الْمَاعُونَ): ما يتعاور بين الناس في العادة من الفأْس والقدر والدلو.
وعن عكرمة: رأْس الماعون: زكاة المال، وأَدناها: الدلو، وهذا يشمل كل الأَقوال؛ لأَن المراد ترك المعاونة بمال أَو منفعة، ولذا قال ابن كعب: الماعون: المعروف.
والمعنى: أَن هؤلاء الذين سهوا عن الصلاة التي هي عماد الدين، والفارق بين الإيمان والكفر، والذين راءُوا بها والرياءُ شعبة من الشرك، والذين منعوا الزكاة التي هي شقيقة الصلاة وقنطرة الإسلام أَولى وأجدر بهم أَن يطلق عليهم أَنهم مكذبون بيوم الدين لأَنهم نسوا عاقبة أَفعالهم التي سيعاقبون عليها يوم القيامة.