8 - (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ):
ومن أَوصاف تلك النار أَنها عليهم مؤصدة، أَي: مطبقة مغلقة أَبوابها، ولا يخرجون منها ولا يستطيعون الخروج منها لو أَرادوا.
9 - (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ):
أَي: هم موثقون فيها مشدودون إلى عمدٍ ممددة، فلا حركة لهم فيها، ولا خلاص لهم منها، وقال بعضهم: لا مانع أَن يكون قوله تعالى: (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) صلة لمؤصدة على معنى: أن الأَبواب أَوصدت بالعمد، وسدت بها؛ تأكيدًا ليأْسهم، واستيثاقًا بعد استيثاق.
والمراد بذلك: تصوير شدة إِطباق النار على هؤلاء وإِحكامها عليهم، والمبالغة في ذلك؛ ليزرع في قلوبهم اليأس والخوف، لأن المحدَّث عنهم همزوا ولمزوا خير البشر.
قال الآلوسي: من تأَمل في هذه السورة ظهر له العجب العجاب من التناسب.
1 - فإنه لما بولغ في الوصف في قوله: (هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) قيل: الحطمة للتعادل؛ ليُطابِق العذابُ الذَّنْبَ.
2 - ولَمَّا أَفاد قوله: (هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) كسر الأعراض بالطعن فيها قوبل بكسر الأَعضاءِ المدلول عليه بالحطمة.
3 - وجيءَ بالنبذ المنبئ عن الاستحقار، في مقابلة ما ظن الهامز اللامز بنفسه من الكرامة والاستعلاء على الناس.
4 - ولَمَّا كان منشأُ جمع المال استيلاء حبه على القلوب جيءَ في مقابله بقوله تعالى: (الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ).
5 - ولَمَّا كان مِنْ شأْن جامع المال المحب له أن يُوصد عليه ويغلق عليه الأَبواب حرصًا عليه، قيل في مقابلة: (إِنَّها عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ) أَي: النار.