ربه -سبحانه وتعالى - شاهد عليه، فيكون الكلام على سبيل الوعيد والتهديد، واختاره التبريزي.
8 - (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ):
أَي: وإِن الإِنسان لحبه المال وتعلقه به لشديد أَي: لبخيل، وتفسير الخير بالمال ورد بهذا المعنى في القرآن كثيرًا حتى زعم عكرمة: أَن الخير حيث وقع في القرآن هو المال، وخصه بعضهم بالمال الكثير، وفسر به قوله تعالى: "إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ" (?) وإطلاق كونه خيرًا على المال باعتبار ما يراه الناس، وإلَّا فمنه ما هو شر يوم القيامة.
وجوز غير واحد أن يراد بالشديد: القوي، ولعله الأظهر، أَي: وإنه لقوي مبالغ في حبه للمال، والمراد قوة حبه له، قال الزمخشري: المعنى: وإِنه لحب المال وإيثاره الدنيا وطلبها قوي مُطِيق، وهو لحب عبادة الله وشكر نعمه سبحانه ضعيف متقاعس، وفي قول آخر للزمخشري في الكشاف: جواز أَن يراد بالخير هو ما عند الله من الطاعات، على أَن المعنى: وإِنه لحب الخيرات غير هاشٍّ منبسط، ولكنه شديد منقبض، ثم هدد الإنسان الذي هذه صفاته وتوعده بقوله:
9 - (أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ):
تهديد ووعيد، والهمزة للإنكار، والفاءُ للعطف على مقدر يقتضيه المقام، والمعنى: أيفعل ما يفعل من القبائح فلا يعلم مآله إِذا بعثر ونُثر مَنْ في القبور من الموتى، أي: بعثوا.
10 - (وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ):
أَي: جُمع ما في القلوب من خير اكتسبوه، وشر اقترفوه، أَو أُظهر كإِظهار اللُّب من القشر، أو مُيِّز خيره من شره، وقد سجله الله عليهم في صحفهم، وتخصيص (مَا فِي الصُّدُورِ) أي: القلوب، لأنه الأَصل لأَعمال الجوارح، ولذا كانت الأَعمال بالنيات.