بِمَا عَمِلَ ظَهْرِهَا فَتَقُولُ: عَمِلَ يَوْمَ كَذَا كَذَا، وقال يحيى بن سلام: تحدث بما أَخرجت من أَثقالها، ويشهد له ما في حديث ابن ماجه في سننه: "تَقُولُ الأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَارَبِّ هَذَا مَا اسْتَوْدَعْتَنِي" وعن ابن مسعود: تحدث بقيام الساعة إِذا قال الإِنسان: ما لها، فتخبر أَن أَمر الدنيا قد انقضى وأَمر الآخرة قد أَتى. فيكون ذلك جوابًا عند سؤَالهم، إِلى غير ذلك مما قيل.
وقيل: يكون تحديثها بطريق الحال، حيث تدل دلالة ظاهرة على ما لأَجله وقع زلزالها وإِخراج أَثقالها، وذلك بما يخلق الله فيها من الأَحوال التي تقوم مقام الحديث باللسان، حتى ينظر من يقول: ما لها؟ إِلى تلك الأَحوال، فيعلم لِمَ زلزلت؟ ولم لفظت أَثقالها (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا) (بمعنى أَنها تحدث أَخبارها بسبب إِيحاءِ الله لها، وأَمره - سبحانه- إِياها بالتحدث عن أَخبارها، فالمراد من الوحي: الإِيحاءِ والإِلهام، كما أَوحى الله إِلى أُم موسى، وقيل: الوحي إِليها: وحي إِرسال، بأَن يرسل إِليها -عزَّ وجل - رسولا من الملائكة بذلك فتعيه وتعمل بمقتضاه وفق تقدير العزيز العليم.
6 - (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ):
أَي: يوم إِن يقع ما ذكر يخرج الناس من قبورهم، وينصرفون إِلى موقف الحساب متفرقين بحسب أَعمالهم، بيض الوجوه فزعين، ومقيدين بالسلاسل، وغير مقيدين، ليبصروا أَجزية أَعمالهم خيرًا كانت أَو شرًا، وتجسم لهم الأَعمال نورانية وظلمانية كما قيل، وقيل: ليعرفوا أَعمالهم، ويقفوا عليها تفصيلا عند الحساب، وعليه فلا حاجة إِلى تجسيمها؛ لأَن الرؤية علمية، وليست بصرية.
وقيل: ينصرفون من موقف الحساب متفرقين؛ فآخذ جهة اليمين إِلى الجنة، وآخذ جهة الشمال إلى النار، وعن ابن عباس: أَهل الإِيمان على حدة، وأَهل كل دين على حدة.
7، 8 - (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه):
تفصيل للرائين وما يرونه من الأَعمال خيرها وشرها. وسبب النزول -على ما أَخرج ابن أَبي حاتم عن سعيد بن جبير- أَنه لما نزل "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلى حُبِّه" كان المسلمون