اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أَو ليلتين، فأَتت امرأَة فقالت: يا محمد ما أَرى شيطانك إلاَّ قد تركك: فأَنزل الله - عز وجل- (وَالضُّحَى ... ) الآية. رواه الإِمام أَحمد والبخاري ومسلم وغيرهم: قيل: إِن المرأَة هي العوراءُ بنت حرب زوج أَبي لهب، وهي حمالة الحطب.
وأَخرج الحاكم عن زيد بن أَرقم: لَمَّا نزلت "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهبِ .. " الآية، قيل لامرأَة أَبي لهب أُم جميل إِن محمد صلى الله عليه وسلم قد هجاك، فأَتته -عليه الصلاة والسلام- وهو جالس في الملأ فقالت: يا محمد علام تهجوني؟ فقال: "إِنِّي مَا هَجَوْتُكِ، مَا هَجَاكِ إِلاَّ اللهُ تَعَالى"، فقالت: هل رأَيتني أَحمل حطبًا أَو في جيدي حبلًا من مسد؟ ثم انطلقت فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينزل عليه، فأَتته فقالت: ما أَرى صاحبك إِلاَّ قد ودعك وقلاك فأَنزل الله ذلك.
التفسير
1، 2 - (وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى):
أَقسم -سبحانه- بالضحى، وهو صدر النهار حين ترتفع الشمس وتلقى بشعاعها، وأَقسم بالليل إِذا سجى وسكن أَهله، أَو إِذا غطى بظلامه النهار، أَو ستر كل شيءٍ.
وخص وقت الضحى بالقسم، لأَنه وقت اجتماع الناس، وكمال أَنسهم بعد الخوف وعدم الاطمئنان في الليل لظلمته وانقطاع الحركة فيه؛ فبشره -سبحانه- بأَنه بعد وحشتك بسبب فترة الوحي يظهر الضحى بنزوله، ويكمل أُنسك وينشرح صدرك. وكان قسمه -سبحانه- بالليل؛ لأَنه وقت الراحة بعد العناءِ، والسكون بعد الحركة والاضطراب، أَو أَنه -جل شأْنه- أَقسم بالضحى والليل؛ لأَنهما وقتان فيها صلاته -عليه الصلاة والسلام- التي جعلت قرة عينه، وسبب مزيد قربه وأُنسه، أَما الضحى فلما رواه الدالرقطني عن ابن عباس مرفوعًا: "كُتبَ عَليَّ النَّحْرُ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ، وأُمِرْتُ بِصَلاَةِ الضُّحَي وَلَمْ