الأَدواءِ والأَمراض. (وَضُحَاهَا) وأَقسم -جلت قدرته- بضحي الشمس -وهو إِشراقها وارتفاعها- لأَن هذا الوقت يكون أَكثر أوقاتها خيرًا، وأَعظمها فائدة ونفعًا، أَو أَنه أَقسم بهذا الوقت -وهو وقت الضحى- لأَنه الوقت الذي يكون فيه الناس في أَمر معاشهم وشواغل دنياهم، أَما عباد الرحمن فهم في هذه الآونة ينقطعون عن هذه الأَعمال ويأخذون أَنفسهم من تلك الشواغل ويخلدون إِلى ربهم يتبتلون له ويعبدونه بما شرعه من صلاة الضحى.
2 - (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا):
أَي: أَقسم بالقمر في زمن اكتماله وتمامه وقت أَن يتلو ضوؤُه ضوءَ الشمس ويتبعها فيتلاقى فيه الضوءَان ويتعانق النوران، وذلك في الليالي البيض من كل شهر: ليلة الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، حيث ينعم الله على عباده بليل مشرق مضيءٍ، وهنا في هذا الوقت الذي يعم فيه الطفل الإِلهي والفيض الرباني يسنُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأُمته أَن يشكروا ربهم على هذا الخير فيصوموا نهار تلك الليالي النيّرات المشرقات عرفانًا بعظيم فضله عليهم.
3 - (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا):
وأَقسم - سبحانه - بالنهار إِذا أَظهر وأبان ما في الأَرض من حيوان وغيره ليكون ذلك عونًا للإِنسان على التعرف على ما فيها من خير ونفع له، ليتوخى ويقصد ما يصلح لأَمر دينه ومعاشه، ويبتعد وينأَى عما يضره ويؤذيه.
4 - (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا):
كما أَقسم بالليل الذي يغطي الكائنات ويسترها فيكون ذلك إِيذانًا بالهجوع والسكون فيه قطعًا للكد والتعب، واستجمامًا بعد العناءِ. كما يكون انقطاعًا من بعض عباد الله المخبتين الطائعين إِلى ربهم يحيون هزيعًا من الليل في طاعة مولاهم بعيدًا عن صخب النهار. وضجيج الحياة وإِخلاصًا وإِفرادًا له -سبحانه- بالعبادة دون رياء أَو سمعة أَو نفاق ليكون ذلك أَرجى في قبول الطاعة في وقت يتجلى فيه ربنا على عباده، وبخاصة في الثلث الأَخير من الليل، فعن أَبي هريرة - رضي الله عنه- أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَتَنَزَّلَ رَبُّنَا تَبَارَكَ