هذه السورة مكية، وعدد آياتها ست وعشرون آية
لَمَّا أَشار - سبحانه وتعالى - في السورة السابقة إِلى المؤمن والكافر والجنة والنار إِجمالًا، ناسب أَن تأْتي هذه السورة عقبها لبسط هذا الكلام وتوضيحه.
بدأَت بالحديث عن يوم القيامة بأُسلوب يُشَوق إِلى سماعه؛ لبيان ما فيه من أَهوال وشدائد، وبلاءٍ وعناءٍ مشيرة إِلى أَن الناس يوم القيامة فريقان، فمنهم من لا يرون فيه كرامة عند استقبالهم، وإِنما يلقون كل مهانة وعنت ومذلة، ثم يدخلون نارًا حامية، وَيُسْقَوْنَ من عين آنية، ومنهم من يستقبلون ذلك اليوم فرحين مستبشرين بمظاهر الرحمة الواسعة والنعيم المعدِّ لهم: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ .... ) الآيات. ثم ساقت السورة الكريمة الأَدلة والبراهين الواضحة على قدرة الله الباهرة على البعث بما يشاهدونه بأَعينهم، والسماء العظيمة، والجبال الشاهقة، والأَرض المنبسطة: (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ ... ) الآيات. ثم أَبرزت أَمر الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بالتذكير؛ لأَن مهمته الأُولى بالنسبة إِليهم مبينة أَنه ليس مُسَلَّطًا عليهم فيجبرهم على الإِيمان: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ).
وكان ختام السورة بيان أَن من تولى وكفر بعد هذا التذكير، فسوف يأخذه الله بذنبه ويعذبه العذاب الأَكبر حين يرجع إِليه بعد الموت، لأَن رجوعهم جميعًا إِليه، وحسابهم عليه: (إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ ... ) الآيات.