وقيل: إِن المعنى ليس كما ذكرنا، وإِنما هو استبعاد النفع بالنسبة إِلى هؤُلاءِ المذكورين والمطلوب تذكير الجميع سواء انتفعوا بالذكرى أو لم ينتفعوا كأَنه قيل: افعل ما أُمرت به لتؤجر وإِن لم ينتفعوا به، وفيه تسلية له صلى الله عليه وسلم.
10 - (سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى):
أَي إِن الذكرى نافعة حتمًا في فريق من الناس، وهو من يخشى الله -تعالى - حق خشيته فيتفكر في شأْن ما تُذَكِّرُهُ به، وتوجهه إِليه فيقف على حقيقته، فيؤمن به وبكل ما تدعوه إِليه، وترشده إشل اتباعه.
11 - (وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى):
أَي: يتجنب الذكرى ويتحاماها، ولا ينتفع بها الكافر المصر على كفره، وهو الذي غلبه شقاؤُه، فأَعرض عن النور الساطع، والبرهان القاطع، وخلا قلبه، من خشية الله. فكان أَشقى أنواع الكفرة.
وقيل: المراد به الكافر المتوغل في عداوة الرسول صلى الله عليه وسلم كالوليد بن المغيرة وعتبة بن ربيعة وقيل: إِن الآية نزلت فيهما. والمتوغل في عداوة الرسول أَشقى من غير المتوغل فيها.
12 - (الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى):
أَي: إِن هذا الكافر الذي هو أَشقى أَنواع الكفرة: جزاؤُه أَن يعذَّب بالنَّار الكبرى التي هي الطبقة السفلى من أَطباق النار، كما قال الفراء، ولا بُعْد في تفاوت نار الآخرة وفي أَن بعضها أَكبر من بعض، وأشد حرارة، والنار الكبرى هي نار الآخرة، والصغرى هي نار الدنيا ولا شك في أَن نار الآخرة أَقوى أَثرًا وأَشد إِيلامًا لمن يعذبون بها من هذه النار التي نعرفها، ففي الصحيحين عن أَبي هريرة مرفوعًا "ناركم هذه جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم".
ثم إِن من شقى وذاق عذابه بتلك النَّار الكبرى يخلد فيها ولا ينقطع عذابه عند غاية، ولا يجد لآلامه نهاية، كما قال تعالى: