أَمثالهم ممن خرجوا عن طاعته، وحاربوا رسله، وكذبوا بأنبيائه، وهذا تنبيه لمن كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم وكذَّب بالقرآن ليتعظ.
19 - (بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ):
أَي: بل الذين كفروا من قومك في تكذيب، وهذا إِضراب انتقالي عن مماثلة كفار قريش لمن سبقهم من الأُمم المكذبة، وبيان لكونهم أَشد منهم في الكفر والطغيان كما ينبئُ عنه العدول عن (يكذبون) إِلى قوله تعالى: (بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ) المفيد لإِحاطة التكذيب بهم في كل جانب، مع ما في تنكير (تكذيب) من الدلالة على تعظيمه وتهويله، فكأَنه قيل: ليس قومك مثلهم، بل هم أَشد منهم فإِنهم غرقى مغمورون في تكذيب عظيم للقرآن الكريم، فهم أَدنى منهم في استحقاق العذاب.
20 - (وَاللَّهُ مِنْ وَرَاءِهِمْ مُحِيطٌ):
أَي: والله - سبحانه تعالى - متمكن منهم، عالم بهم، قادر عليهم، قاهر لهم لا يفوتونه ولا يعجزونه، والإِحاطة بهم من ورائهم قيل: لأَنهم لا يفوتونه كما لا يفوت الشَّيءُ من الشَّيءِ المحيط به، فالكلام تصوير لعدم نجاتهم من بأْس الله.
21 - (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ):
هذا رد لكفرهم، وإِبطال لتكذيبهم، وتحقيق للحق، أَي: بل هذا الذي جئتهم فكذبوا به كتاب شريف عالي المنزلة في الكتب السماوية في نظمه وإِعجازه، فلا يحق تكذيبه والكفر به.
22 - (فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ):
المعنى: أَن القرآن محفوظ بعد التنزيل من التغيير والتبديل، والزيادة والنقص، كما قال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (?) وقيل: مكتوب ومحفوظ في ذلك اللوح عن وصول الشياطين إِليه، واللوح المحفوظ نحن نؤمن به، ولا يلزمنا البحث عن ماهيته وحقيقته وكيفية كتابته ونحو ذلك. والله أَعلم.