(وَأَبًّا) الأبُّ: الكلأُ والمرعى، وهو ما تأْكله البهائم، من أبَّهُ: إذا أمَّه، وقصده، أو مِن أبَّ لكذا: تهيأ له.
التفسير
24، 25 - (فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا):
بعد أن ذكر -سبحانه- الأمور المتعلقة بخلق الإنسان امتنَّ عليه بذكر الأُمور المتعلقة ببقائه في الدنيا ليعتبر ويقابل النعمة بالشكر، فقال سبحانه: (فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ) بمعنى: إذا كان حاله وهو أنه لا يزال إلى الآن سادرًا في غيه، لم يؤد شيئًا مما أمر به مع أن النعم السابقة من أقوى الدوافع إلى الامتثال والاستجابة، فحتم عليه أن ينظر نظر تفكير وإمعان إلى طعامه الذي عليه يدور أمر بقائه كيف دبرناه وهيأْنا له أسباب وجوده وعددنا أنواعه ليكون متاعًا له ولأَنعامه، ويشير إلى ذلك قوله تعالى: (أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا) أي: أنزلناه من السماء إنزالا عجيبًا، ينبئُ بقدرة القادر العظيم، وظاهر الصب يقتضي تخصيص الماء بالغيث وهو المروي عن ابن عباس، وجوز بعضهم الأعم كماء العيون وتحوه وتأْكيد الجملة للاهتمام بمضمونها، والظاهر أن المراد من الطعام: المطعوم بجميع أنواعه، واقتصر عليه، ولم يذكر المشروب، لأن آثار القدرة فيه أكثر من آثارها في المشروب.
26 - (ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا):
أي: شققناها شقًّا بديعًا لائقًا بما يشقها من النبات: صغرًا وكبرًا، وشكلا وهيئة، وشق الأَرض بالنبات بعد نزول المطر يكون على التراخي المعهود كما يتضح ذلك من التعبير بـ (ثم).
27 - 32 - (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ):
هذا استمرار في تعداد النعم التي أفاضها الله -سبحانه- على وجه بديع خارج عن العادات امتنانًا على هذا الكافر الذي بالغ في الإعراض والجحود، وأهمل ما تستدعيه تلك