وما يوجبها من القرآن الكريم، والإعراض عمن جاءَك مستهديًا ومسترشدًا، أي: لا تعد إلى مثل ما وقع منك.

(إنَّها تَذكِرَةٌ) أي: القرآن الكريم تذكرة وموعظة يجب أن يتعظ بها ويعمل بموجبها، وأنث الضمير العائد عليه لتأنيث الخبر، وقيل: الضمير المؤنث يراد به الهداية المودعة في سائر الكتب السماوية وأَجلُّها القرآن جعلها الله تذكرة وإرشادًا إلى الطريق المستقيم.

وهذه الجملة المؤكدة تعليل للردع (بكلَّا) عما ذكر، ببيان علو رتبة القرآن العظيم الذي استغنى عنه من تصدى صلى الله عليه وسلم له، وتحقيق أن شأنه أن يكون موعظة حقيقة بالاتعاظ، فمن رغب فيها اتعظ بها كما نطق به قوله تعالى: "فمن شاء ذكره" أي: حفظه واتعظ به، ومن رغب عن حفظه والاتعاظ به -كما فعل المستغني- فلا حاجة لك إلى الاهتمام بأمره، وذكَّر الضمير لكونه عائدًا على القرآن أو على التذكرة لأنها بمعنى التذكير والوعظ، والجملة جيءَ بها للترغيب في القرآن، والحث على حفظه والاتعاظ به.

13 - 16 - (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ):

أي: إن آيات القرآن مثبتة في صحف منتسخة من اللوح المحفوظ مكرمة عند الله -جل وعلا- وقيل: مثبتة في صحف الكتب الإلهية المنزلة على الأنبياء -عليهم السلام- كقوله تعالى: "وإنَّه لَفِي زُبُرِ الأوَّلِين" هذه الصحف (مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ) أي: عالية القدر شريفة، وقيل: مرفوعة في السماء السابعة منزهة عن مساس أيدي الشياطين، أو من كل دنس، كما روي عن الحسن، أو عن الشُّبه والنقص (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) وهم الملائكة -عليهم السلام- ومعنى كونها بأيديهم أن الله -سبحانه- جعلهم سفراءَ بينه وبين رسله يحملون إليهم الكتب المنزلة عليهم، جمع سافر بمعنى سفير، أو هي بأَيدي الأنبياء -عليهم السلام- لأنها تنزيل عليهم الوحي، وهم يبلغونها للناس. فكل من الملائكة والأنبياء يصح إطلاق السفير عليه، كما يصح إطلاق الرسول على كل منها، أو السفرة: الكتبة من الملائكة، قال مجاهد وجماعة: فإنهم ينسخون الكتب في اللوح المحفوظ، جمع سافر، أي: كاتب. (كِرَامٍ بَرَرَةٍ) أي: مكرمين معظَّمين عند الله -تعالى- من الكرامة بمعنى التوقير، أو أنهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015