18 - (فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى):

أَي: فقل له: هل لك رغبة في أَن تتطهر من دنس الكفر والعصيان، ورذائل الأَخلاق والعادات؟ وهو استفهام يقصد به العرض والطلب، وهو أَفضل أَنواعه، وأَوفقها باللطف والأَدب في الدعوة. وقدَّم طلب التطهر على طلب الهداية في الآية التالية، لأَنها تخلية، وهي مقدمة على التحلية.

19 - (وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى):

أَي: وهل تحب أَن أَدلك وأَرشدك إِلى معرفة ربك فتعرفه؟ (فَتَخْشَى): بأَن يصير قلبك خاضعًا لله مطيعًا بعد ما كان قاسيًا خبيثًا بعيدًا عن الخير، وبأَن يمتلئ علمًا بجلاله وعلو شأْنه كما قال تعالى: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" (?) فمن اتقاه أَمن عقابه، والخشية: ملاك الأَمر، وغاية الهداية، ومن تمسك بها أَتى منه كل خير، ومن تركها اجترأَ على كل شر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي عن أَبي هريرة: "مَنْ خافَ أَدلجَ (?) ومَن أَدلجَ بلغَ المنزلَ" وعن بعض الحكماءِ: اعرف الله، فمن عرف الله لم يقدر أَن يعصيَهُ طرفهَ عين.

20 - (فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى):

أَي: لما لم يقتنع فرعون بالدليل القولي، أَظهر -سبحانه- له آية ودليلا يراه بعينه بعدما جرى بين موسى - عليه السلام - وبينه من المحاورات إِلى أَن: "قَالَ إِنْ كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ" (?) والمراد بالآية الكبري على ما روي عن ابن عباس: قلب العصا حيَّة، فإِنها كانت المقدمة والأَصل، والأُخريات كالتبع أو على ما روي عن مجاهد: ذلك واليد البيضاء، فإِنها باعتبار الدلالة كالآية الواحدة، وقد عبر عنهما بصيغة الجمع في قوله تعالى في سورة طه: "اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي" باعتبار ما في تضاعيفهما من بدائع الأُمور التي كُلٌّ منها آية لقوم يعلمون، وكونها كبري باعتبار معجزات من قبله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015