(يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ): هو جبريل - عليه السلام - وقد ورد ذكره كثيرًا بذلك. واختلف المفسرون في المراد من الروح ما هو، على أَقوال، منها ما روي عن ابن عباس أَنه قال: إِنهم أَرواح بني آدم، وقيل: إنه ملك عظيم أَو إِنهم أَشراف الملائكة، أَو أَنه جبريل - عليه السلام - قال الشعبي، وسعيد بن جبير، والضحاك، ويستشهد لهذا القول بقوله تعالى: "نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ) (?) وهذا الرأَي أَوفق الآراء.
(فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا): أَي: مرجعًا.
(يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا): يتمنى الكافر أَن لو كان في الدنيا ترابًا فلم يُخْلَق بشرًا، ولم يكلف.
التفسير:
37 - (رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا):
أَي: إِن هذا الجزاء الموفور من ربك العظيم فاطر السموات والأَرض وما بينهما على غير مثال يحتذيه (الرَّحْمَنِ) الذي وسعت رحمته كل شيءٍ، ولا شك أَن في ذكر ربوبيته تعالى لجميع الخلق، ورحمته الواسعة إِشعارًا بمقدار الجزاء المذكور (لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا) استئناف مقرر لما أَفادته الربوبية العامة من غاية العظمة والكبرياءِ، واستقلاله تعالى بما ذكر من الجزاءِ والعطاءِ، فلا يكون لأَحدنا قدرة عليه، وضمير (لا يَمْلِكُونَ) لأَهل السموات والأَرض، والمراد نفي قدرتهم على أَن يخاطبوه تعالى بشيءٍ من نفص العذاب أَو زيادة الثواب بغير إِذنه على أَبلغ وجه وآكده، كما قال تعالى: "يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ" (?)
38 - (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا):