السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا" (?) فإِذا شققت السماء لوقوع الاضطراب في نظامها وذهاب التماسك بينها، فهي كالأبواب، وقد فسر الفتح بالشق لقوله تعالى: "إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ" وقوله: "إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ" ولعل نكتةَ التعبير بالفتح عن الشق الإِشارةُ إِلى كمال قدرته -تعالى- حتى كان شق هذا الجرم العظيم كفتح الباب سهولة وسرعة، أَو على التشبيه البليغ، أَي: فصارت شقوقها لسعتها كالأَبواب، أَو فصارت من كثرة شقوقها كأَنها ليست إِلا أَبوابًا مفتحة، وفي هذا تصوير لما يحدث في هذا اليوم من شدائد وخطوب.
20 - (وَسُيِّرَتْ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا):
تمثيل لِمَوْرِ الأَرض في ذلك اليوم حيث تفتتت الجبال بعد اقتلاعها من مقارها، وسيرت في الجو على هيئاتها، كما يعرب عنه قوله تعالى: "وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ" (?).
أَي: أَنك تراها رأْي العين فتحسبها ساكنة في أَماكنها مع أَنها تمر مر السحاب الذي تسيره الرياح سيرًا حثيثًا، وذلك أَن الأَجرام العظيمة إِذا تحركت نحوًا من الأَنحاء لا تكاد تظهر حركتها وإن كانت في غاية السرعة، ولا سيما من بعيد، ويشير تشبيه سرعة الجبال في سيرها بسرعة الحساب إِلى تشبيه آخر، وهو تشبيه حالها بحال السحاب في تخلخل الأجزاء وانتفاشها كما ينطق بذلك قوله تعالى: "وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ" (?). وهذا الصنيع العظيم عند حشر الخلائق ليشاهدوما ثم يفرقها -سبحانه- في الهواء، وذلك قوله تعالى: (فَكَانَتْ سَرَابًا) أَي: فصارت بعد تَسييرها مثل سراب، فترى كأَنها جبال، وليست بجبال، وإِنما هي غبار عظيم متراكم يحسبه الناظر إِليه من بعيد جبلا، ولكنه ليس بشيءٍ كالسراب يحسبه الرائي وقت الظهيرة ماءً، حتى إِذا جاءَه لم يجده شيئًا.