وقوله تعالى: (سَيَعْلَمُونَ) وعيد لهم وزجر على ما حدث منهم من تساؤُل، واستهزاء وتعليل للردع بطريق الاستئناف، والسين للتقريب والتأكيد، أَي: ليرتدع هؤُلاءِ عَمَّا هم فيه، فإِنهم سيعلمون عما قليل حقيقة الحال إِذا حل بهم العذاب والنكال، ونزلت بهم الدواهي ومختلف العقوبات وفي ذلك من الوعيد ما فيه، وقيل المعنى: سيعلمون ما يتساءَلون عنه وهو البعث فيخجلون استخزاءً من تساءُلهم واستهزائهم بين يدي ربهم - عز وجل.
5 - (ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ):
تكرير لما قبله من الردع والوعيد للمبالغة فيها، فكأنه قيل: لهم يوم القيامة ردع وعذاب شديدان، ثم قيل: بل لهم يومئذ عذاب أَشد وأشد، وثم للتفاوت في رتبة العذاب بين الردع الأَول والثاني، وقيل: إِن الجملة الأُولى تشير إِلى ما يكون عند النزع، وملاقاة كربات الموت وشدائده وانكشاف الغطاء، والجملة الثانية تشير إِلى ما يكون في القيامة من زجر ملائكة العذاب، وملاقاة شديد العقاب، وعلى هذا فـ (ثُمَّ) في مكانها من إِفادة التراخي لما بين الأَمرين من البعد الزماني.
6 - (أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ مِهَادًا):
استئناف مَسوق لتحقيق النبأ العظيم بتعداد بعض الدلائل الناطقة بكمال قدرته - تعالى - والتي لا يسعهم إِنكارها، ولا مناص لهم من الإِقرار بها فكيف يُنكرون على هذه القدرة إِعادة خلق الإِنسان علمًا بأَن مَنْ قدر على الإِنشاء كان على الإِعادة أَقدر.
وجوز أَن يكون بتقدير (قُلْ) كأَنه قيل: قل كيف تنكرون البعث أَو تشكون فيه وقد عاينتم ما يدل عليه من القدرة التامة، والعلم المحيط، والحكمة الباهرة المقتضية لا يكون ما خُلِق عبثًا؟!
والاستفهام في الآية للتقرير بما بعده، كأَنه قيل لهم: قد جعلنا الأَرض التي تسكنونها موطأَة لكم كالفراش للاستقرار عليها، والتقلب في أَنحائها للانتقاع بسهولها الواسعة، واستخراج كنوزها المتنوعة، فَأَقِرُّوا بفضل الله عليكم.