غير ترق من شديد إِلى أَشد، وكونها "لواحة" وصف من أَوصافها، ولعله باعتبار أَول الملاقاة.
وقال الحسن وابن كيسان والأَصم: (لواحة) بتاء مبالغة من (لاَحَ) إِذا ظَهَر، والبشَرُ بمعنى الناس، أَي: تظهر الناس لعظمها وهو لها كما قال تعالى: "وَبُرِّزَتْ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى" (1).
30 - (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ):
أَي: بلي أَمرها ويتسلط على أَهلها بالعذاب تسعة عشر ملكًا، أَلا تري العرب الفصحاء كيف فهموا منه ذلك؟ فقد روي عن ابن عباس أَنها لما نزلت (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) قال أَبو جهل لقريش: ثكلتكم أُمهاتكم، أَسمع أَن ابن أَبي كبشة يخبركم أَن خزنة النار تسعة عشر وأَنتم الدَّهْم (أَي: العدد) والشجعان، أَيعجز كل عشرة منكم أَن يبطشوا برجل فيهم؟، فقال أَبو الأَشد بن أَسيد كَلَدَه الحُمَحي: أَنا أَكفيكم سبعة عشر فاكفوني أَنتْم اثنين، فأَنزل الله (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً) أَي: وما جعلناهم رجالًا من جنسكم يطاقون، والجمهور على أَن المراد بهم النقياء، فمعنى كونهم عليها: أَنهم يتولون أَمرها وتعذيب أَهلها وإِليهم رئاسة زبانيتها، وأَما جملتهم فالعبارة تعجز عنها كما قال تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ) وقد ثبت في الصحيح عن عبد الله بن مسعود قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون أَلف زمام، مع كل زمام سبعون أَلف ملك يجرونها".
وذهب بعضهم إِلى أَن التمييز المحذوف: صفًا، أَو صنفًا أَي: عليها تسعة عشر صَفًّا أَو صنفًا.
-
(1) الآية 36 من سورة النازعات.