8، 9، 10 - (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)):
الفاءُ في قوله تعالى: (فَإِذَا نُقِرَ) للسببية، كأنه قيل: اصبر على أذاهم؛ فبين أيديهم يوم هائل يلقون فيه عاقبة أذاهم، وتلقى فيه عاقبة صبرك. والفاءُ في قوله تعالى: (فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ) للجزاء، والعامل في (إذَا) ما دل عليه قوله تعالى: (فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ) أي: فإذا نقر في الناقور صعب الأَمر وعسر على الكافرين و (ذلك) إشارة إلى وقت النقر المفهوم من قوله تعالى: (فَإِذَا نُقِرَ) والمراد به يوم القيامة، والمعنى: فإذا نفخ في الصور فذلك الوقت يومئذ شديد على الكافرين غير سهل ولا ميسر، فلا يتسنى لهم أن يخلصوا ممَّا هم فيه وما يلاقونه من مناقشة الحساب وغيره من الأهوال التي يجدونها في ذلك الوقت العصيب الرهيب.
وفائدة قوله تعالى: (غيرُ يَسيرٍ) بعد قوله تعالى: (عَسيرٌ) -وهو مفهم له- تأكيد لعسره على الكافرين فهو يمنع أن يكون عسيرا عليهم من وجه دون وجه كما يشعر بتيسيره على المؤمنين، كأَنه قيل: عسير على الكافرين غير يسير عليهم، كما هو يسير على أضدادهم المؤمنين ففيه جمع بين وعيد الكافرين وزيادة غيظهم وبشارة للمؤمنين وتسليتهم، ومع هذا لا يخلو قلب المؤمن من الخوف، أخرج ابن سعد والحاكم عن بَهزِ بن حكيم قال: أمَّنا زرار بن أَوفى فقرأَ المدثر، فلما بلغ قوله تعالى: (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) خَرَّ ميِّتًا، فكنت فيمن حمله، وأخرج ابن أَبي شيبة والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال: لمَّا نزلت (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن وحَنَى جبهته يستمع متى يؤمر؟
قالوا: كيف نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، وعلى الله توكلنا -ذكر ذلك الآلوسي وغيره. واختلف في أن المراد بذلك الوقت يوم النفخة الأُولى، أو يوم النفخة الثانية، ورجح أَنه يوم الثانية لأَنه الذي يختص عسره بالكافرين، وأما وقت النفخة الأُولى فحكمه الذي هو (الصعق) يعم البر والفاجر، وهو على المشهور مختص بمن كان حيًّا عند وقوع النفخة.