التطوع (وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) يجوز أَن يراد بهذه الآية الإِنفاق في سائر الصدقات، أَو أَن يُراد أَداء الزكاة على أَحسن وجه من إِخراج أَطيب المال وأَكثره نفعًا للفقراءِ، ومراعاة النية وابتغاء وجه الله والصرف إِلى المستحق، أو أَن يراد كل شيء يفعل من الخير مما يتعلق بالنفس والمال فالله يجازي عليه أَحسن الجزاء وأَوفره، وعن عمر بن الخطاب: هو النفقة في سبيل الله (وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا):
قال ابن كثير: أَي: جميع ما تقدمونه بين أَيديكم وأَنتم أَحياءٌ فهو لكم حاصل ثوابه، وهو خير ممَّا أَبقيتموه لأَنفسكم في الدنيا وممَّا تركتم وخلفتم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَيكم ماُلُه أَحبُّ إِليه من مال وارثه؟ قالوا: يا رسول الله ما منا أَحد إِلا ماله أَحب إِليه من مال وارثه، قال: اعلموا ما تقولون، قالوا: ما نعلم إِلاَّ ذلك يا رسول الله، قال: إِنما مال أَحدكم ما قدَّم ومال وارثه ما أَخر" رواه البخاري.
(وَأَعْظَمَ أَجْرًا): وأَجزل ثوابًا - قال القرطبي: قال أَبو هريرة: هو الجنة، وقيل: لإِعطائه بالحسنة عشرًا أو أَكثر.
(وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ) أَي: اطلبوا منه المغفرة في كافة أَحوالكم، فإِن الإِنسان قلما يخلو ممَّا يعد تفريطًا بالنسبة إِليه، وعَدّ من ذلك الصوفية رؤية العابد، عبادته، قيل: ولهذه الإِشارة أَمَر بالاستغفار بعد الأَوامر السابقة بإِقامة الصلاة وإِيتاءِ الزكاة والإِقراض الحسن.
(إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ): وهو سبحانه يغفر ذنب من استغفره، ويرحمه - عز وجل - وفي حذف المعمول دلالة على العموم، نسأَل الله عظيم مغفرته ورحمته، قال القرطبي: (غَفُور) لِمَا كان قَبْلَ التوبة (رَحِيمٌ): لكم بعدها: قاله سعيد بن جبير.