وتهفوا إِليها قلوبهم في مواطنهم التي يشيع فيها الجفاف، وينتشر بها القحط، وقد استدعاهم بذلك إِلى الآخرة، ويراد من السماء: السحاب أَو المطر.

12 - {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)}:

أَي: ويزدكم الله مالا وبنين، وكانوا يحبوهما، ويعلمون على الاستكثار منهما، فحركوا بما يُفيئه الله عليهم منها إِلى الإيمان، كما حركوا كذلك بأن يجعل سبحانه لهم في ديارهم بساتين وحدائق فيها أَنواع الثمار التي تحقق لهم كل مناعم الحياة ويجعل لهم أَنهارًا جارية أَو مطلقة لتحيا بها مزارعهم، وبساتينهم، وليجدوا فيها كل منافعهم، وأَعيد الفعل (يَجْعَلْ) مع الأَنهار للاعتناء بها، لما أَن لها مدخلا عاديًّا أَو أَكثريا في وجود الجنات ورعاية في بقائها الذي هو أَهم من أَصل وجودها، وترك إِعادة (وَيُمْدِدْكُمْ) مع البنين لأَنه لا تكمل المنفعة والسعادة إلا باجتماع كل من الأَموال والبنين معًا؛ لذلك ترك إِعادة العامل (يُمْدِدْكُمْ) بينهما لأَنهما كالشيءِ الواحد. قال البقاعي: المراد بالجنات والأَنهار في الآخرة، والجمهور على أَن ذلك في الدنيا تحريكًا لهم على الإِيمان. وبعد أَن دعاهم بالترغيب، عدل بهم إِلى الدعوة بالترهيب فقال:

{مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)}

المفردات:

(لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا): أَي: لا تعتقدون لله عظمة، على أَن الرجاءَ بمعنى الاعتقاد. والوقار بمعنى العظمة: أَو، لا تخافون لله عظمة. فيكون الرجاءُ بمعنى الخوف، قال الأَخفش: الرجاءُ هنا: الخوف؛ لأَن مع الرجاءَ طرفًا من الخوف: ونقل أَيضًا عن ابن عباس كونه بمعنى الخوف.

(وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا): جمع طور، أَي: تارات وكرات، حيث خلقكم أَولا ترابًا ثم نطفًا ثم علقًا ثم مضغًا ثم عظامًا ولحومًا ثم خلقًا آخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015