(وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) المراد به الأَمد الأَقصى الذي قدره الله بشرط الإِيمان والطاعة (?) وراءَ ما قدره الله لهم على تقدير بقائهم على الكفر والعصيان، وكونهم لا يؤخرون إِلى الأَمد المسمى إِلا بشرط الإِيمان والطاعة صريح في أَن لهم أَجلا آخر لا يجاوزونه وهو ما قدر لهم إِن لم يؤمنوا، وقد يستدل بهذه الآية من يقول: إِن الطاعة، والبر، وصلة الرحم تزيد العمر. ذكره ابن كثير، لما ورد به الحديث: (صِلَة الرَّحِم تزيدُ في العُمر).
(إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) تعليل لما فهم من تعليقه سبحانه التأخير إلي الأَجل المسمى على الإِيمان، أَي: لأَن أَجل الله الذي قدره سبحانه لكم على تقدير بقائكم على الكفر إِذا جاءَ وأَنتم على حالكم لا يؤَخر عن وقته المقدر له، فبادروا إِلى الإِيمان والطاعة قبل مجيئه حتى لا يتحقق شرطه وهو بقاؤكم على الكفر، وقيل: المراد بتأخيرهم إِلى الأَجل المسمى تأَخير وقت عذابهم، وذلك بإِمالهم والتجاوز عنهم في الدنيا، فلا يوقع العذاب بهم مدة بقائهم إِلى أَن يأَتيهم العذاب المذكور في قوله تعالى: (مِن قَبْلِ أَن يَاتِيَهُمْ عَذَابٌ أَليِمٌ) فإِنه أَجل مؤقت حتمًا، وأَما الأَجل بمضي العمر، فهو محدود لا يتقدم ولا يتأَخر كما قال تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (?).
ولو كنتم من أَهل العلم لسارعتم لما أَمركم به نبيكم من الإِيمان والطاعة ليتحقق لكم البقاء إِلى أَجل مسمى، ولكنكم لستم من أَهله في شيء، فلذا لم تسارعوا لما أُمرتم به وآثرتم الكفر والضلال، أَو لو كنتم من أَهله لعلمتم بأَن الأَجل لا يؤَخر لو جاءَ وقته المقدر له، ولكنكم جهلتم ذلك فظللتم في غيكم سائرين.