17 - 18 - {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)}:
أَي: والملائكة بعد انشقاق السماء وتداعيها - وهي مسكنهم - يقفون على جوانبها وأَطرافها فزعين خائفين من عظمة الله ذي الجلال، ومن هول ذلك اليوم، ويحمل عرش الرحمن - جلَّ وعلا - ثمانية من الملائكة العظام، أَو ثمانية صفوف، ويكون العرش وحملته فوق الملائكة الذين على أَرجاءِ وأَطراف السموات، وقيل: إِن حمل العرش - يومئذ - يكون فوق ظهورهم أَو على رءُوسهم وليس بأَيديهم.
وفي هذا اليوم العصيب الرهيب تعرضون على ربكم للمحاسبة والمساءَلة، قيل: يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات، فأَما عرضتان فجدال ومعاذير، وأَما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف فآخذ بيمينه وآخذ بشماله. (لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) أَي: غير خاف عليه - عز وجل - سر من أَسراركم لا في هذا اليوم ولا في غيره، وقد جاءَ النظم الكريم على هذه الصورة لمزيد تهديدهم، أَي: تعرضون على من لا يخفى عليه شيءٌ أَصلا، أَو المراد لا يخفى يوم القيامة ما كان مستترا في الدنيا بستر الله عليكم؛ فإِنه - سبحانه - في هذا اليوم يظهر أَحوال المؤْمنين للملأ في عرضات القيامة، فيتكامل سرورهم، ويبدي - جل شأنه - أَحوال أَهل العذاب فيظهر بذلك خزيهم وفضيحتهم وهو المراد من قول الله تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ} (?).
روي أَن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: حاسبوا أَنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أَنفسكم قبل أن توزنوا؛ فإِنه أَخف عليكم في الحساب غدًا أَن تحاسبوا أَنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأَكبر.