6 - {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6)}:
وهذا نوع آخر من العذاب أَنزله الله على عاد قوم هود - عليه السلام - لما كذبوا رسولهم واستهانوا به وقالوا له: {إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} (?) فأَهلكهم الله بريحٍ شديدة الصوت، أَو بريح باردةٍ (?) كأَنها التي كرر فيها البرد وكثر حتى تحرق بشدة بردها، وهذه الريح هي الدَّبُور، ففي الحديث الذي أَخرجه البخاري ومسلم يقول صلى الله عليه وسلم: "نُصِرْتُ بِالْصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ" والمراد من وصفها بالعتو أَنها قد بلغت منتهاها ووصلت غايتها في القوة والشدة، أَو عتت على عاد فلم يقدروا على ردّها بحيلة من استتار ببناءٍ أَو استناد إِلى جبل أَو اختفاءٍ في حفرة؛ فإِنها كانت تنزعهم من مكانهم وتهلكهم.
7 - {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)}:
هذا بيان لكيفية إِهلاكهم بالريح، أَي: سلط الله تلك الريح وأَرسلها عليهم سبع ليال وثمانية أَيام متتابعات دون فتور أَو انقطاع حتى قطعت دابرهم واستأصلت شأْفَتهم، أَو أَن تلك الليالي والأَيام كانت نحسات مشئومات عليهم، وقيل إِنها هي أَيام العجوز وإِنما سميت بذلك لأَن عجوزا من عاد توارت في سرب فانتزعتها الريح في اليوم الثامن فأَهلكتها، وقيل: هي أَيام العجز وهي آخر الشتاءِ فترى وتبصر يا من تتأَتى منك الرؤْية - إِن كنت حاضرًا حينئذ - ترى هؤُلاءِ القوم في تلك الليالي والأيام، أو في مهاب الريح موتى وهلكى، يشبهون ويماثلون أُصول نخل خالية الأَجواف لا شيء فيها؛ لأَن الريح تسلطت عليهم فكانت تدخل أَجوافهم فتصرعها وتخرج أَحشاءَهم، أَو خاوية بمعنى بالية؛ لأَنها إِذا بليت خلت أَجوافها، فشبهوا بعد أَن هلكوا بالنخل الخاوية، وتشبيههم بأَعجاز النخل يشعر بأَنهم كانوا عظامًا في خلْقِهِمْ وأَجسامهم.