(بَعْدَ ذَلِكَ) أَي: بعد ما عدّ له من المثالب والنقائص. (زَنِيمٍ) دَعِيّ مُلْحق بقوم ليس منهم، والمراد به ولد الزِّنا كما جاءَ بهذا اللفظ عن ابن عباس، وكذا جاءَ عن عكرمة وأَنشد:
زنيم ليس يعرف من أَبوه ... بغيّ الأُم ذو حسب لئيم
وإِنما نهي عن طاعة الدّعيّ لأَن الغالب أن النطفة إِذا خبثت خبث خبث الناشيء منها، وعن سعيد بن جبير: الزَّنيم الذي يُعْرَف بالشر كما تُعْرف الشاة بزنمتها وهي ما يتدلى من رقبتها كما سبق بيانه في المفردات: والزنيم، الملصق.
قال ابن كثير: والأَقوال في الزنيم كثيرة، وغالبها يرجع إِلى ما ذهب إِليه سعيد بن جبير، وكثيرًا ما يكون دعيا ولد زِنا فإِنه في الغالب يتسلَّط الشيطان عليه ما لا يتسلط على غيره. أ. هـ بتصرف.
14 - {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14)}:
هذا الكلام متصل بقوله - سبحانه -: (وَلا تُطِعْ ... ) الخ أَي: لا تطع مَن هذه عيوبه ونقائصه بسبب كونه موُسرًا معتدًّا بماله مُنْجِبًا مُعْتَزًّا ومتقويًّا بأَبنائه.
15 - {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15)}:
استئناف جري مجرى التعليل للنّهي عن اتباعه، والمعنى: إِذا يُقْرأُ عليه القرآن كَذَّب ولم يؤمن بما جاءَ به وقال: هذا قصص الأَولين وخرافاتهم وأَكاذيبهم الواردة في كتبهم، ويجوز أَن يكون قوله - تعالى -: (أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ) متصلًا بما بعده.
والمعنى: لأَن كان صاحب مال ومستظهرا بالنبين كذب بآياتنا، وأَعرض عنها إِذا يتلى عليه القرآن قال: أساطير الأَولين وأَباطيلهم، فجعل الكفر مكان الشكر والتكذيب موضع التصديق والإِيمان.
16 - {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16)}:
أَي: سنجعل على أَنفه سمة دائمة وعلامة لازمة لا تفارقه، يُعيّر ويفتضح بها أَمام الناس فعبر بالوسم على الخرطوم عن غاية الإِذلال والمهانة، لأَنَّ السِّمة على الوجه شين حتى إِنه صلى الله عليه وسلم نهى (?) عنه في الحيوانات، فكيف بها في الإِنسان وعلى أَكرم موضع منه وهو الأَنف