والظلم والتعذيب، وغير ذلك من القبائح (وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) من القبط كلهم فهم تابعون له في الظلم قاله مقاتل وهم أَهل مصر إِذ ذاك.
12 - {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)}:
عطف قوله - سبحانه -: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ) على امرأَة فرعون أَي: ضرب الله مثلًا للذين آمنوا حالها وما أُوتيت من كرامة الدنيا والآخرة، والاصطفاءِ على نساءِ عالمي زمانها مع أَن أَكثر قومها كانوا كافرين، وجمع في التمثيل بين من لها زوج ومن لا زوج لها تسلية للأَرامل وتطبيقًا لقلوبهن كما قيل وهي من أَعقاب هارون أَخي موسى - عليهما السلام - وقد صانت فرجها وحفظته من الرجال أَو من دنس المعصية (فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا) المخلوقة لنا بلا توسط أَصل، والنافخ جبريل - عليه السلام - وإِسناده إِليه - تعالى - على المجاز أَو على حذف مضاف بمعنى فنفخ رسولنا فيه أَي في الفرج. والذي اشتهر بين العلماءِ أَن جبريل نفخ في جيبها (?) فوصل أَثر ذلك إِلى فرجها فحملت بعيسى - عليه السلام -، وقد روي عن قتادة وقال الفراءُ: ذكر المفسرون أَن الفرج جيب درعها (?) وهو محتمل لأَن الفرج في اللغة فرجة بين الشيئين، وموضع جيب درع المرأَة مشقوق فهو فرج، وهذا أَبلغ في مدحها والثناءِ عليها؛ لأَنها إِن منعت جيب درعها فهي للنفس أَمنع وفي ذلك من الوصف بالعفة ما فيه وفي مجمع البيان عن الفراءِ أَنها منعت جيب درعها عن جبريل - عليه السلام - لَمَّا تمثل لها بشرًا سويًّا وكان ذلك على ما قيل: قولها: (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيًّا) (?).
(وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ): أَي: آمنت بصحفه المنزلة على إِدريس وغيره، أَو بما أَوحي منها إلى أَنبيائه، وسماها كلمات لقصرها وصدقت كذلك بجميع كتبه والمراد بما ما عدا الصحف مما فيه طول أَو يراد بها جميع ما كتب ممَّا يشمل اللوح وغيره، وكما قيل