على نقل الأُخرى وهو كلام صادق إِذ ليس فيه دعوى كلٍّ حصر سبب النزول فإِن صح هذا هان أَمر الاختلاف أ. هـ بتصرف.
4 - {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)}:
ومما يدل على أَن المرأَتين اللتين وقع منها التظاهر على رسول الله صلى الله عليه وسلم هما عائشة وحفصة ما رواه الإِمام أَحمد بسنده عن ابن عباس (?) قال: لم أَزل حريصًا على أَن أَسأَل عمر عن المرأَتين من أَزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله فيهما: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) حتى حج عمر وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق عدل وعدلت معه بالإِداوة، فتبرز ثم أَتاني فسكبت على يديه فتوضأَ فقلت: يا أَمير المؤمنين من المرأتان من أَزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله تعالى: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) فقال عمر: واعجبا لك يا بن عباس هما عائشة وحفصة ثم أَنشأَ يحدثني الحديث بطوله.
والآية خطاب لهما على الالتفات من الغيبة إِلى الخطاب للمبالغة في العتاب، فإِن المبالغ في العتاب يصير المعاتب بعيدًا أَولا عن ساحة الحضور، ثم إِذا اشتد غضبه توجه إِليه وعاتبه بما يريد، وإِلي ذلك يشير قوله تعالى: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) أَي: مالت عما يجب عليكما من مخالصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحب ما يحبه، وكراهة ما يكرهه إِلى مخالفته. وجملة (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) تعليل لجواب الشرط ودليل عليه، والتقدير إِن تتوبا إلي الله فلتوبتكما موجب وسبب؛ لأَنه قد صدر عنكما ما يقتضيها من ميل قلوبكما عنه صلى الله عليه وسلم، وقيل: الجواب محذوف والتقدير إِن تتوبا إِلى الله يمح إِثمكما وقوله: (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) بيان لسبب التوبة وقيل: غير ذلك.
والجمع في قلوبكما دون التثنية لكراهة اجتماع تثنيتين مع ظهور المراد، وهو في مثل ذلك أَكثر من التثنية والإِفراد (وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ) أَي: فلن تتعاونا عليه بما يسؤوه من الإِفراط في الغيرة وإِفشاء سره (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) بمعنى أَنه لا يعدم من بظاهره؛ فإِن الله مؤَيده وناصره، وجبريل رئيس الكروبيين (?) قرينه، وكل من آمن وعمل صالحًا أَتباعه وأَعوانه.