(يَصُدُّونَ): يعرضون متكبرين، أو يمنعون سواهم.
(الْفَاسِقِينَ): الخارجين عن طاعة الله البالغين في الفسق غايته.
التفسير:
5 - {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ ... } الآية:
لَمَّا أَقسم رأس النفاق عبد الله بن أَبيّ بن سلول أَنه ما دعا قومه إِلى منع الإِنفاق على فقراءِ المسلمين حتى ينصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرتدوا إِلى الكفر، وأَنه ما قال عند رجوعه إِلى المدينة: ليخرجنَّ الأَعز منها الأَذل، وقصد بالأَعز نفسه ومن على شاكلته من المنافقين، وعنى بالأَذل رسول الله - عليه الصلاة والسلام - والمسلمين، وقال الحاضرون: يا رسول الله شيخنا وكبيرنا لا تصدق عليه كلام غلام عسى أَن يكون قَدْ وَهِمَ، وأَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لزيد بن أَرقم استيثاقا من كلامه (لَعلَّكَ غضبت عليه)؟ قال: لا قال: (فلعله أَخطأَ سمعك؟) قال لا قال: (فلعله شبه عليك)؟؟ قال لا فلما نزلت (إِذَا جَاءِكَ الْمُنَاِفقُونَ) لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدًا من خلفه فعرك أَذنه قال: (وفت أُذنك يا غلام إِن الله صدقك وكذب المنافقين) قيل لعبد الله بن أَبي بن سلول: لقد نزلت فيك آي شداد فاذهب إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك فلوى رأسه ثم قال: أَمرتموني أَن أُومن فآمنت وأمرتموني أَن أَزكي مالي فزكيت فما بقي إِلَّا أَن أَسجد لمحمد فنزلت: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ ... ) الآية:
والمعنى: وإِذا قيل لهذا المنافق وأَضرابه كالجد بن قيس، ومعتب بن قشير تعالوا وأَقبلوا تائبين متعذرين عما بدر منكم من سيء القول وسفيه الحديث - يطلب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه - جلت قدرته - أَن يصفح ويعفو عنكم أَبوا وأَمالوا رءُوسهم إِعراضًا واستكبارًا أَو حركوه استهزاءً وسخرية (وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ) أَي: وأَبصرت منهم أَو علمت من أَمرهم إِعراضًا عن اتباعك ومنعًا وإِبعاد لسواهم عن ذلك، وختمت الآية الكريمة بقوله تعالى: (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) للإِشعار بأَنهم لم يكرههم غيرهم ولم يجبرهم سواهم على ما فيه من كفر ونفاق وصدّ وإِعراض وإِنما كان حالهم وشأنهم أَنهم في أَنفه وعناد واستكبار.