والمعنى: آمن الرسول بما أُنزل إليه من ربه - في هذه السورة وغيرها - إجمالًا وتفصيلًا، وآمن المؤمنون به كذلك.
والفرق بين الإيمانين، أن إيمان الرسول مبني على المشاهدة والوحي، وإيمان المؤمنين ناشيءٌ عن الحجة والبرهان.
(كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ):
هذه الجملة مستأنفة لتقرير الإيمان المذكور وتفصيله، أي كل من النبي وأفراد المؤمنين، صدَّق بالله وما يتصف به من كل كمال، وما يتنزه عنه من كل نقص، وصدق بملائكته وطهارتهم من المعاصي، وأنهم منفذون لأوامر الله تعالى، وأن بعضهم سُفَراءُ بينه تعالى وبين رسله الأكرمين، وآمن بكتبه التي أنزلها على رسله متعبدًا بها عباده، وآمن برسله من حيث إنهم مبلغون لكتبه وشرائعه إلى خلقه.
(لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ):
أي كُلٌّ آمن قائلاً: لا نفرق بين رسله. فلا نقول: نؤمن ببعض ونكفر ببعض، كما فعل أهل التوراة والإنجيل، بل نُؤْمِنُ بهم جميعًا، فهم رسل الله إلى خلقه، فمن كفر بأحدهم، فهو كافر بهم جميعًا، فلا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا.
(وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ):
جملة: قالوا سمعنا ... إلخ معطوفة على (آمَنَ)، وهذه الجملة من الآية، حكاية لامتثالهم الأوامر والنواهي إثر حكاية إيمانهم. والمراد من سمعهم: إجابتهم وامتثالهم. والمراد من إطاعتهم: قبولهم ما كلفوه - طواعية واختيارًا - دون إكراه.
ولما كان المكلف لا يخلو من تقصير قالوا: غفرانك ربنا لما قصرنا فيه. ثم ختموا كلامهم بالاعتراف بالبعث بعد الموت، فقالوا: وإليك المصير والانتهاءُ: لا إلى غيرك.