والمعنى: إِن كان خروجكم عن صدق إِيمان ورسوخ عقيدة ورغبة في دين الله وابتغاءِ مرضاته فلا تتخذوا أَعدائي وأَعداءَكم أولياءَ تفضون إِليهم بالمحبة، وتهمسون لهم بأَسراركم وأَخبار تظنون أَنها خافية وقد علمتم أَن الإِخفاء والإِعلان سيَّان في علمي، وأَنا مطلع على ما أَخفيتم وأَظهرتم، ومن يفعل هذا الفعل من موالاة المشركين، وإِلقاءِ الأَسرار إِليهم فقد أَخطأَ طريق الحق والصواب، وفي الآية إِشارات منها:
1 - تقديم الرسول على المؤمنين في الإِخراج للإِشارة إِلي أَن في إِخراج الرسول قضاء على الإِسلام.
2 - من كان عدوًّا للرسول فهو عدوٌّ لجماعة المسلمين.
3 - تقديم الإِخفاء على الإِعلان في العلم مشعر بإِحاطة علم الله وكمال قدرته.
4 - أَن صدق الإِيمان يتنافى مع قبح العمل، والمعصية لا تقدح في أَصل الإِيمان.
2 - {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}:
تمضي الآيات في التحذير من موالاة المشركين والتودد إِليهم فتكشف خبث طويتهم ودخلية كيدهم وعداوتهم.
والمعنى: لو يتمكن هؤلاءِ المشركون منكم ويظفرون بكم تتجلى عداوتهم ويفضح غدرهم وخيانتهم ويظهرون على حقيقتهم ويرتبون على ذلك أَحكامهم ويشبعون غيظهم وتمتد أَيديهم وتطول أَلسنتهم إِليكم بالإِيذاء ضربا وشتما وتعذبيا وقتلًا، وكل ما يقدرون على عمله، مما يسيئكم، ويوقع العذاب بكم يفعلونه معكم، وتمنوا لو ترتدون كفارا عن دينكم، فهم يريدون أَن يلحقوا بكم مضار الدنيا والدين من الشتم والقتل والتمزيق. وردكم كفارا أَسبق المضار عندهم، وأَول أَمانيهم.