(وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ):
فلا يخونه بإنكار كل حقه أو بعضه، فإنه تعالى رقيب حسيب، شديد العقاب للخائنين.
وبهذا تضمنت الآية الكريمة ثلاثة أصناف من البيع: أحدها يبيع بكتاب وشهود، وثانيها بيع برهن، وثالثها بيع بأمانة.
(وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ):
هذا خطاب للشهود المؤمنين، كما قاله سعيد بن جبير وغيره.
والمعنى عليه: ولا تخفوا الشهادة بما علمتم إذا دعيتم إلى لأدائها.
والآية وإن نزلت في الدَّيْنِ إلا أنها عامة - توجب أداء الشهادة على وجهها في كل حال.
وقيل: هو خطاب للمدينين على معنى: ولا تكتموا شهادتكم على أنفسكم، بل أقروا بالحق، ولا تحتالوا بإبطال شهادة الشهود عليكم بالجرح ونحوه أمام القضاء.
(وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ):
أي ومن يكتم الشهادة بالحق، فإنه آثم قلبه. وإسناد الإثم إلى القلب، لأن الكلام فيمن كتم ما يعلمه، وهو بذلك يكون قاصدًا إخفاء الحق. وذلك من عمل القلب، فلذا أسند الإثم إليه. وإذا أثم القلب أثم صاحبه، لأن العبرة بأفعال القلوب. ولذا رفعت المؤاخذة عمن يفعل المعصية ناسيًا، لأنه لا قصد له فيها.
كما أن الآية تشير بذلك، إلى أن أثر المعصية بالكتمان يبقى في قلبه، إذ يستتبع فيه سوادًا.
روى الترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد والحاكم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن العبد إذا أخطأ خطيئة نُكِتَتْ في قلبه نكتة سوداء، فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، وإن عاد زيد فيها، حتى تعلو على قلبه، وهو الران الذي ذكر الله تعالى: "كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ" (?).
وجاء في الحديث الصحيح "ألا وإنَّ في الجسد مضغةً، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" رواه الشيخان.