وقد عقب الله هاتين الآيتين باستفهام إنكارى توبيخي، وذلك في قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} أي: فبأى نعم ربكما تكذبان أيها الثقلان؟، أتكفران بمنشأ خلقكما، أم تكفران بغيره؟.
17 - 18 - {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}:
المراد بالمشرقين: مشرق الشمس شتاءً وصيفًا، وبالمغربين: مَغْرِباها كذلك، وقيل: المشرقان مشرق الشمس ومشرق القمر، والمغربان كذلك، وهذه الآية كناية عن أنه - تعالى - ربها ورب ما بينها من الكائنات.
والمعنى: الذي أبدع ما مرّ من النعم هو مالك المشرقين والمغربين وما بينهما، لا يشاركه في خلقها أحد، وحيث كانت المشارق والمغارب وما بينها من إبداعه - تعالى - وداخلة في ملكوته، فمن حقه أن يُعبد ولا يُجحد ولا تُكذب آلاؤُه ونعمه، ولهذا أنكر على المشركين تكذيبهم لآلائه ونعمه، ووبخهم على هذا التكذيب بقوله - جل وعلا - بعد هذه الآية -: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} أَتكذبان بخلقه المشارق والمغارب وما بينها من الكائنات واختلاف الفصول وما يترتب عليه من المنافع والمصالح، أم تكذبان بغير ذلك؟ اللهم لا بشيء من آلائك نكذب، سبحانك ذلك الحمد.
19 - 23 - {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}:
قال الآلوسي في معنى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} أي: أرسلهما وأجراهما، من مرجت الدابة في المرعى، أي: أرسلتها فيه، أي: أرسل الله البحر الملح والبحر العذب.
ونقول: إن هذا هو التفسير الموافق لقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا} (?) ولقوله: {وَمَا يَسْتَوِي