أَصل شجرة على طريقها فرماها بسهم فخرت، ورغت رغاءً شديدا تَحدَّر سقَبها (?) من بطنها ثم نحرها، ويشير إلى ذلك قوله - تعالى -: {فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} أي: فاجترأَ على الأَمر العظيم أشقى قومه غير مكترث به فأحدث العقر بالناقة وتناوله. وقيل: فتعاطى الناقة فعقرها أو السيف فقتلها. والتعاطى: تناول الشيء مطلقًا أو بتكلف، وإنما قيل في آية أُخرى: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا} (?) بإسناد العقر إليهم جميعًا لرضاهم به، أو لأَنه بمعونتهم.

وقوله - سبحانه -: {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} لتوجيه قلوب السامعين إلى ما يلقى إليهم قبل ذكره، وقد مر نظيره. وقد أشار التنزيل إلى تنكيل الله بهم، وإهلاكه إياهم فقال: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً} هي صيحة جبريل - عليه السلام - في طرف منازلهم، فأَهلكهم الله بها فصاروا هشيمًا مفتتا كالعشب اليابس الذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته في الشتاء، أو كالورق المتساقط ممَّا يعمل به صاحب الحظيرة حظيرته من قصب وأَشجار، وصاحب الحظيرة هو المحتظر. قال ابن عباس: المحتظر: هو الرجل الذي يجعل لغنمه حظيرة بالشجر والشوك: فما سقط من ذلك وداسته الغنم فهو الهشيم. والحظيرة (الزريبة) التي يقيمها العرب وأَهل البوادى للسكنى ولمنع البرد والسباع عن الغنم والإبل، وهي من الحظر وهو المنع، ثم أقسم سبحانه على أنه سهل القرآن للتذكر والاتعاظ.

{فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}: إنكار ونفى للمتعظ من قريش على أبلغ وجه. وقد سبق مثل ذلك مفصلًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015