الآلوسي فقال: المنساق إلى الذهن - على تقدير كون المراد بالفرار إلى الله تعالى العبادة - أنه تعالى أمر بها أوّلا وتوعَّد تاركها بالوعيد المعروف له في الشَّرع وهو العذاب دون خلود، ونهى - جل شأنه - ثانيًا أَن يشرك بعبادته، وتوعَّد المُشرك بالوعيد المعروف له وهو الخلود، في النار، وعلى هذا يكون الوعيدان مختلفين متغايرين، وتكون الآية في تقديم الأمر على النهي فيها نظير قول - تعالى - (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (?) وقوله: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا شَيْئًا) (?).
(كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُوالْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60))
المفردات:
(طَاغُونَ): متجاوزون الحدّ في الكفر.
(بِمَلُومٍ): بفاعل ما يلام عليه.