الرقيب الذي عن يساره، وتخصيص القول بالذكر للإيذان بأن الفعل القطيعي هو أظهر من القول يكتب أيضًا من باب أولى، وقال اللقانى في شرح الجوهرة: مما يجب اعتقاده أَن لله - تعالى - ملائكةً يكتبون أعمال العباد من خير أو شر أو غيرهما، قولا كانت أو فعلا أو اعتقادًا، همًّا كانت أو عزما ... إلخ وقال الإمام مالك وجماعة: يكتبان كل شيء حتى الأنين في المرض.
والمعنى الإجمالي لهذه الآيات: ولقد خلقنا الإنسان جسدًا وروحًا وعقلا، ونعلم ما تحدثه به نفسمه من الخواطر خيرًا كانت أو شرًّا، ونحن أقرب إليه علمًا من حبل الوريد في عنقه - نحن أقرب إليه - حين يتلقى الملكان المتلقيان أحوال العبد الظاهرة والخفية ليسجلاها في صحيفة أعماله، وهذان الملكان أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، ما ينطق من قول إلا عنده مراقب ملازم له من الملكين الموكلين يه، يكتب ما يصدر عنه من الأقوال وكذا الأفعال والنوايا.
(وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22))
المفردات:
(وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ): وأحضرت شدة الموت حقيقة ما كتبه الله على عباده من الموت الذي يليه البعث والجزاء.
(تَحِيدُ): تميل وتعدل.