واستثنى من ذلك ما غلب عليه الاستعمال ولم يكن لصاحبه فيه كسب ولا يتأذى منه، لأَنه لمجرد التمييز لا الإيذاء، كالأَعرج والأَحدب والطويل والقصير، ومثل ذلك قد يأتي في أسانيد الحديث ورجاله.
ويجوز تلقيب الإنسان بما يحب، ولهذا لقب الرسول - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ بالفاروق، وأبا بكر بالصديق، وعثمان بذى النورين، قال - صلى الله عليه وسلم -: "من حق المؤمن على المؤمن أن يسميه بأحب أسمائه إليه" ولهذا كانت التكنية من السنة والأدب الحسن، وقد لقب أبو بكر بالعتيق كما لقب بالصديق، وحمزة بأسد الله، وخالد بن الوليد بسيف الله.
المعنى الإجمالي للآية:
يا أيها الذين شرفهم الله بالإيمان: لا يسخر أحد من أحد، فلا يستهزئ الرجال بالرجال، ولا النساءُ بالنساء، عسى أن يكون المسخور به خيرًا عند الله من الساخر؛ لنظافة قلبه وصفاءِ نفسه، ولا يَعِبْ بعضكم بعضا بالقول أو الإشارة أو نحوهما، فإن المؤمنين كنفس واحدة، فإذا لمزتَ أخاك وعبتهُ فكأنَّما لمزت نفسك وعبتها، بئس الوصف الفسوق بعد الإيمان، فمن حق الإيمان أن يعصم الناس عن أن يعيب بعضهم بعضا، فإذا فعل المؤمن ذلك فقد فسق بعد الإيمان، وذلك أمر لا يليق بالمؤمنين، ومن لم يتب من الاستهزاء بغيره وتنقيصه بالعيب فيه، فأولئك هم الظالمون لأنفسم ولإخوانهم المؤمنين.