وقال مجاهد: نزلت في الأوس والخزرج، قال مجاهد: تقاتل حيَّان من الأنصار بالعصى والنعال فنزلت.
وتوفيقًا بين الروايتين نقول: إن عبد الله بن أُبي بن سلول والذين تعصبوا له أَوسيون والذين جابهوهم خزرجيون وعلى رأسهم عبد الله بن رواحة كما جاء في إحدى الروايات.
كيف يكون الإصلاح بينهما؟
يكون الإصلاح بين الطائفين المتقاتلتين من المؤمنين بالعدل وعدم التحيز إلى فئة على حساب الأُخرى، فإن دين الإِسلام دين مساوة، وبذلك ترضى نفوسهما ويزول ما بينهما، ومن وسائل الصلح التنازل عن حق الإمارة، فقد بويع الحسن بن علي - رضي الله عنهما - بعد قتل أبيه، ثم تنازل عن حقه في الإمارة والخلافة، حقْنًا لدماء المسلمين وجمعا لكلمتهم وقد أَخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك في طفولة الحسن.
روى الإِمام البخاري بسنده عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يومًا ومعه على المنبر الحسن بن عليٍّ، فجعل ينظر إليه مَرَّةً وإلى الناس أخرى ويقول: "إن ابني هذا سيِّدٌ، ولعل الله - تعالى - أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" فكان كما قال - صلى الله عليه وسلم - فقد أصلح الله به بين أهل الشام وأهل العراق، بعد الحروب المدمرة التي كانت بين أبيه وبين معاوية.
(فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ):
أي: فإن تطاولت إحداهما على الأخرى ولم تستجب للصلح فهي باغية عليها، فيجب على المسلمين قتالها حتى ترجع إلى حكم الله في كتابه وسنة رسوله، فإن رجعت إليه فكُفُّوا عن قتالها، وأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين.