(أَحَقَّ بِهَا) أي: أولى بها من غيرها ومتصفين بمزيد استحقاق لها.

(وَأَهْلَهَا): وأصحابها المستأهين لها.

التفسير

26 - {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا في قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ... } الآية:

هذه الآية الكريمة تحكى ما كان من المشركين عند كتابة صلح الحديبية وتوثيقه، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا عليًّا - كرم الله وجهه - فقال له: اكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) فقال سهيل بن عمرو: لا أعرف هذا ولكن اكتب: باسمك اللهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتب (باسمك اللهم) فكتبها، ثم قال - عليه الصلاة والسلام -: (اكتب: هذا ما صالح عليه محمَّد رسول الله سهيل بن عمرو) فقال سهيل: لو كنا نعلم أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله إني لرسول الله وإن كذبتموني. اكتب: هذا ما صالح عليه محمَّد بن عبد الله سهيل بن عمرو) إلى آخر ما جاء في كتاب الصلح.

أي: تذكر - يا محمَّد - وذكر المؤمنين بذلك الوقت الذي ملأ فيه الكافرون قلوبهم كبرًا وأنفة بعدت بهم عن الحق، ونأت عن الصراط المستقيم، حيث لم يذعنوا لما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورفضوا الإقرار بالبسملة والتسليم برسالة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يرضوا بكتابة ما أملاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ورقة صلح الحديبية، ولكن الله برعايته ولطفه أدرك المؤمنين بكريم عطفه وعظيم فضله، فأنزل الطمأنينة والوقار والحلم عليهم، وثبتهم وأرضاهم وشرح صدورهم إلى ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخل قلوبهم ما دخل في قلوب المشركين من الحمية.

وقال الإِمام الفخر الرازى: إن الله - تعالى - أبان غاية البون بين الكافر والمؤمن فأشار إلى ثلاثة أشياء:

(أحدها): جعل ما للكافرين بِجَعْلهم فقال: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا في قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ)، وجعل ما للمؤمنين بجَعْل الله - تعالى - فقال: (فَأَنْزَلَ اللهُ) وبين الفاعِلَيْن ما لا يخفى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015