هذه السورة مدنية وعدد آياتها ثمان وثلاثون، ولها اسمان سميت بهما، أحدهما: سورة محمَّد، لقوله - تعالى - في أول السورة: {وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ} وثانيهما: القتال لقوله - تعالى - فيها: {فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ} من الآية رقم 20.
ومناسبتها للسورة التي قبلها أن حديثها عن الكفار الذي بدئت به متصل بما ختمت به سابقتها التي ذكرت حالهم يوم يعرضون على النار، بسبب كفرهم وإيذاء الرسول وإنكار البعث، وقررت مصيرهم بقول - تعالى -: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} حتى قال ابن كثير: لا يخفى قوة ارتباط أولها بآخر السورة قبلها واتصاله وتلاحمه بحيث لو سقطت من البين البسملة لكانا كلامًا واحدًا لا تنافر فيه، كالآية الواحدة آخذًا بعضها بعنق بعض.
1 - بينت في بدايتها أن الله أبطل أعمال الكافرين لإعراضهم عن الحق واتباع الباطل، والوقوف في وجه الدعوة ليصدوا الناس عن دين الله، وأنه - سبحانه - كفّر عن المؤمنين سيئاتهم؛ لأنهم نصروا الحق وسلكوا طريقه واتبعوا ما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -.
2 - بينت - بإطناب - وجوب الدفاع عن الحق وما يتطلبه ذلك عند لقاء الكفار في بدء المعركة ونهايتها، وذكرت جزاء من قتل في سبيل الله {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} الآيات: 4، 5، 6.
3 - وعدت المؤمنين المدافعين عن دين الله بالتأييد والنصر {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ... } الآية، وأوضحت أن للكافرين الشقاء والخسار {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}؛ لأنهم كرهوا ما أنزل الله فأبطل أعمالهم.
4 - حذرت كفار مكة سوءَ المصير فضربت لهم الأمثال بالطغاة المتجبرين من الأمم السابقة، وبينت أن الله دمر عليهم بسبب إجرامهم وطغيانهم. {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ