وفي الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ " قال أبو بكر: أنا. قال: "من تَبِع منكم اليوم جنازة؟ " قال أبو بكر: أنا. قال: "من أطعم منكم اليوم مسكينًا؟ " قال أبو بكر: أنا. قال: "فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟ " قال أبو بكر: أنا. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما اجتمعن في امريء إلاَّ دخل الجنة".
وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: ودعا أبو بكر أيضًا فقال: {وأصلح لي في ذريتي} فأجابه الله تعالى؛ لم يكن له ولد إلا آمنوا، وقد أدرك أبواه وولده عبد الرحمن وولده أبو عتيق النبي - صلى الله عليه وسلم - وآمنوا به، ولم يكن ذلك لأحد من الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين -.
وقد استدل الإمام عليّ - كرم الله وجهه - بهذه الآية الكريمة مع التي في سورة لقمان: {وفصاله في عامين} مع قوله - تعالى - في سورة البقرة: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} استدل - رضي الله عنه - بذلك على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وهو استنباط قوى صحيح. ووافقه على ذلك عثمان وجماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - فعن معمر بن عبد الله الجهني قال: تزوج رجل منا امرأة من جهينة فولدت له لتمام ستة أشهر، فذُكر ذلك لعثمان - رضي الله عنه - فأمر عثمان برجمها فبلغ ذلك عليًّا - كرم الله وجهه - فأتاه فقال له: ما تصنع؟ قال: ولدت تمامًا لستة أشهر وهل يكون ذلك؟ فقال له عليّ: أما تقرأ القرآن؟ فقال: بلى. قال: أما سمعت الله - عَزَّ وَجَلَّ - يقول: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} وقال: {حولين كاملين} فما نجده بقي إلاَّ سته أشهر. قال عثمان - رضي الله عنه -: والله ما فطنت بهذا.
قال معمر: فوالله ما الغراب بالغراب ولا البيضة بالبيضة أشبه منه بأبيه، فلما رآه أبوه قال: هذا ابني ولا أشك فيه.
وفي هذا إشارة إلى أن مدة الحمل والرضاع معًا لا تتجاوز الثلاثين شهرا؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: إذا وضعت المرأة لتسعة أشهر كفاه من الرضاع واحد وعشرون