- تعالى -: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} (?). إن هذه الآلهة المزعومة لا تستجيب ولا تلبي ما يطلبونه منها مدة بقاء السموات والأرض وإلى أن تقوم الساعة، إذ لا قدرة لها على ذلك فهي لا تسمع ولا تدري، قال تعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (?). فإذا قامت القيامة وحشر الناس وجمعوا في صعيد واحد واشتد كربهم كانت هذه المعبودات أعداء لمن عبدوهم، وكانوا عليهم ضدًّا يخالفونهم ويلحقون بهم الذل والهوان، بعد أن اتخذوهم في الدنيا ليكونوا لهم مجدًا وعزًّا وذخرًا، قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} (?) وقال أيضًا: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} (?). كما أن العابدين الضالين ينكرون - يوم القيامة - أنهم عبدوا هذه المخلوقات، ويزعمون أنهم ما أشركوا بالله شيئًا، قال - تعالى - حكاية عنهم: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} (?).
والمعنى: لا أحد أضل ولا أشقى ممن يعبدون آلهة غير الله لا تستجيب ولا تلبي نداءهم في الدنيا؛ إذ أنها لا تسمع ولا تبصر، فهي جماد، أما إذا كانت من الجن أو الإنس أو الملائكة فإنهم مشغولون بأمر أنفسهم، أو أن الله يحمي أسماعها عن أن تسمع دعاء هؤلاء، فضلًا عن أنها لا تملك شيئًا، وفي يوم الحشر تكون هذه المعبودات أعداء لعابديهم كذبهم وتتبرأ منهم، كما يتبرأُ العابدون من معبوداتهم ويقولون: {والله ربنا ما كنا مشركين} فيجمعون بين الشرك بالله والكذب، وكل ذلك لا يغنيهم من الله شيئًا.