ويقول جل شأنه: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ... } (?).

ولهذا، ثبت الله إيمان إبراهيم وطمأنه، فأراه كيف يحيي الموتى، كما سيأْتي بيانه.

{قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا}:

أمره الله سبحانه، أن يأخذ أربعةً من الطير، وأن يضمهن إليه، ليتأمل في كل منها فيعرف - معرفة يقينية - مميزات كل طائر عن غيره، حتى إذا ذبحها وفرق أجزائها - مختلطة على الجبال التي حوله - ضَمَّ الله أجزاء كل طائر، وأعاده إلى ما كان عليه: جسمًا وصورة وحركة.

ويروي: أن كل طير كان من نوع يخالف نوع الآخر.

وقال أبو السعود: وناهيك بالقصة دليلا على فضل الخليل، ويُمْنِ الضراعة في الدعاء، وحسن الأدب في السؤال، حيث أراه الله تعالى ما سأل - في الحال - على أيسر ما يكون من الوجوه. ا. هـ.

ولما كانت هذه القصص الثلاث، مسوقة للدلالة على قدرة الله على بعث الموتى وإحيائهم للحساب والجزاء - ختمها مخاطبًا كل مكلف بقوله:

{وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}:

أي واعلم أيها المكلف - بعد تلك الحجج القاطعة - أن الله تعالى غالب لا يعجزه شيٌ أراده. حكيم في أفعاله.

وإذا كان الأمر كذلك، وجب الإيمان بالبعث، وإدراك الحكمة فيه، وهي: أن يجزي الله المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015