الله ليُحيى لهم قصى بن كلاب - وكان في أَيامه كبيرهم ومستشارهم في النوازل - ليشاوروه في صحة النبوة والبعث، فيدل ذلك على صدقكم إِذا أَحييتموه، أَو إِذا سأَلناه فصدقكم، والخطاب في قوله: {فَأْتُوا بِآبَائِنَا} لمن وعدوهم بالبعث والنشور من الرسول والمؤمنين، أي: فأَحيوا لنا مَنْ مات مِن آبائنا إن كنتم صادقين في دعوى قيام الساعة وبعث الموتى.
ولما كان قولهم هذا ينطوى على جهل، وتجبر واستعلاء بعيدًا عن الحجة جاءَ قوله تعالى: {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} يهددهم بأَنهم ليسوا أَعظم قوة ولا أَعز منعة من هؤُلاء الأَقوام الذين أَهلكهم الله بسبب إجرامهم.
والمعنى: أَهؤُلاء المشركون المنكرون للبعث خير في القوة والمنعة والجاه والسلطان، أَم قوم تبع الأَكبر الحميرى من أَهل سبأَ الذين كانت بساتينهم عن يمين وشمال والذين من قبلهم من عاد وثمود وأَضرابهم.
وقوله تعالى: {أَهْلَكْنَاهُمْ} استئناف لبيان عاقبة أَمرهم، ونهاية بغيهم، كما أَن قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} تعليل لإهلاكهم ليعلم أَن أَولئك حيث أُهلكوا بسبب إجرامهم مع ما كانوا فيه من غاية القوة والمنعة فأَنتم بالاستئصال أَهون منهم، لأنكم أَضعف منهم قوة، وأَوهن شأْنًا.
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (39) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (41) إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}