هذه السورة مكية وآياتها تسمع وخمسون، وسميت بسورة الدخان لقوله - تعالى - فيها: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} وهي تناسب ما قبلها في أنه - عَزَّ وَجَلَّ - ختم ما قبل بالوعيد والتهديد حيث قال تعالي: (وقل سلام فسوف يعلمون) وافتتح هذه بالحديث عن القرآن الكريم ثم عقب بالإنذار الشديد لهؤلاء المشركين بقوله تعالى: (إنا كنا منذرين) وقوله - سبحانه -: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)} كما ذكر - تعالى - هناك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون) وهنا نظيره فيما حكى عن موسى - عليه السلام - (فدعا ربه أن هؤلاء قوم لا يؤمنون) إلى غير ذلك من المناسبات بين السورتين.
تحدثت عن نزول القرآن الكريم في ليلة مباركة وهي ليلة القدر، وبينت شرف تلك الليلة العظيمة التي تُفصل فيها أمور الخلق وتقدر، وقد اختارها الله لإنزال آيات التنزيل هُدًى لعباده ورحمة بهم وذكرت آيات التوحيد، والآيات التي تكشف عن أحوال الكفار، وعرضت حديث موسى وبنى إسرائيل وفرعون. وكشفت عما حل بقوم فرعون وبينت عاقبة أمرهم وردت على منكرى البعث من مشركى قريش. وأشارت إلى أن هؤلاء الكذبين ليسوا بأكرم على الله من الأمم الطاغية التي تعرضت لانتقام الله وإهلاكه جريا على سنته - سبحانه - مع الطغاة المجرمين، ثم أكدت أن يوم القيامة هو موعد الفرق بين جميع الخلائق، وختمت السورة بتسجيل ذل الكفار بالعقوبة وبيان ما يحيق بهم. وعزّ المؤمنين في الجنة بتفصيل ما ينالونه من نعمة وكرم، ومنزلة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وشرفه بتيسير القرآن على لسانه في قوله - تعالى -: (فإنما يسرناه بلسانك) كما بدأت بالحديث عنه.