استمرار في تقرير وحدانيته - تعالى - وأنه لا شريك له في شئون الكون خلقًا وملكًا وتدبيرا وتصرفا.
والمعنى: تعظَّم وتعالى الذي له وحده كمال التصرف في السموات والأرض وفيما بينهما من مخلوقات الجوِّ المشاهدة وغيرها {وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} أي: وقت قيامها ويراد بها يوم القيامة، أي: وعنده العلم بالزمان الذي تقوم فيه القيامة.
وفي تقديم الخبر في قوله - سبحانه -: {وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} إشارة إلى استئثاره - عَزَّ وَجَلَّ - بعلم ذلك {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} للجزاء على ما اقترفتم من آثام، والالتفات إلى الخطاب للتهديد.
86 - {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}:
بيان لعجز آلهتهم وإشادة بمكانة التوحيد.
والمعنى: ولا يملك آلهتهم الذين يدعون من دون الله الشفاعة كما زعموا أنهم شفعاؤهم يوم القيامة ونصراؤهم عند الشدائد والأهوال {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ} وهو التوحيد؛ فإن هؤلاء هم الذين يشفعون عند الله في المؤمنين المقصرين، وقال ابن عباس: أي: إلا من شهد بأنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فيشفعون للمؤمنين إذا أذن لهم، ويراد بهم عيسى وعزير والملائكة وأضرابهم - عليه السلام - فإنهم يشهدون بالحق والتوحيد لله {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} حقيقة ما شهدوا به واعتقدوه، والآية تفيد أن الشهادة على غير علم بالمشهود به لا يعوَّل عليها، وقال مجاهد وغيره: المراد بمن شهد بالحق المشفوع فيهم كأنه قبل: ولا يملك هؤلاء الملائكة وأضرابهم الشفاعة في أحد إلا فيمن وحد عن إيقان وإخلاص.