التفسير

49 - {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ}:

الآية نزلت في الوليد بن المغيرة وقيل: في عتبة بن ربيعة، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

ومعناها: لا يسأم الإنسان - أي: الكافر - من دعاء أنواع الخير كالصحة والمال وكل مقاصد النعيم، وإن نزل به شر من مرض أو عسر فهو يئوس من فضل الله قنوط من رحمته، وقد بولغ في يأْسه من جهتين: من جهة الصيغة لأن (فعولا) من صيغ المبالغة ومن جهة التكرار المعنوى فإن القنوط أتى يظهر عليه أثر اليأْس فيتضائل وينكسر، ولما كان أثر اليأْس ظاهرا عليه لا يفارقه كان في ذكر القنوط ذكرٌ لليأس ثانيًا بطريق أبلغ في قطع الرَّجاء من فضل الله ورحمته.

وهذه الآية تعيب على الإنسان يأسه وقنوطه من رحمة الله، وتحمله على الرجاء وعلى الدعاء بدفع الضُّر عنه.

وقدم اليأس لأَنه صفة القلب التي تدعو اليائس إلى أن يقطع رجاءَه من الخير، وهي المؤثرة فيما يظهر على الصورة من التضاؤُل والانكسار، ثم يجىء القنوط بعد اليأس ليزيد أثره على الوجه , فهو من باب التدرج من الأَدنى إلى الأَعلى.

50 - {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ}:

المعنى: أن هذا الإنسان إذا فرجنا عنه بصحة بعد مرض أَو سعة بعد ضيق ليقولن بصفة التأْكيد والوثوق: هذا شيءٌ أستحقه على الله لرضاه بعملى، أي: هذا حقى وصل إليّ لأنى أستوجبته بما عندي من فضل وخير وأعمال بر، فيرى النعمة حقًّا واجبًا على الله له، ولم يعلم أنه ابتلاء بالنعمة والمحنة. ليتبين شكره وصبره. وقال ابن عباس: معنى (هذا لي) أي: هذا من عندي بمعنى لا يزول عني أبدًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015