باللغو فيه ليحولوا بينه وبين أَسماع الناس، خشية أَن يحملهم على الإيمان بما فيه من الآيات البينات، والعظات المؤَثرات، والأُسلوب الفريد.
والمعنى: وقال الذين كفروا من أَهل مكة: لا تسمعوا لهذا القرآن وافعلوا الباطل فيه من الصفير والتصفيق والتخليط في المنطق حتى يصير لغوا, ولا يستفيد به أَحد، وقال الضحاك: أَكثروا الكلام ليختلط عليه ما يقول: اهـ.
{لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} محمدا على قراءته، فلا يظهر ما يقوله، ولا يستميل القلوب.
قال ابن عباس: قال أَبو جهل: إِذا قرأَ محمد فصيحوا في وجهه حتى لا يدرى ما يقول: اهـ. كذلك كانوا يفعلون، ولكن الله أَتم دينه ومكَّن لنبيه، وبدل المؤْمنين من بعد خوفهم أَمنا {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (?).
27 - {فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27)}:
وعيد لأولئك الكافرين اللاغين في القرآن ومن حملوهم على اللغو.
والمعنى: فوالله لنذيقن الذين كفروا وَلَغوْا في القرآن وحرضوا عليه عذابا شديدا في الدنيا بنصرك عليهم، ولنجزينهم في الآخرة على سيئات أعمالهم التي هي أَسوأَ الأَعمال.
أَما الأعمال الحسنة: من إغاثة الملهوف وصله الرحم وقِرَى الأَضياف ونحوها، فلا يجزون عليها في الآخرة، لأَنهم أَحبطوها بالكفر، لقوله - تعالى -: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (?).
28 - {ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}:
أَي: ما ذكر من الجزاء الأُخروى السيء، جزاءٌ أَعده الله لأَعدائه، هو النار لهم فيها دار الخلد، لا يموتون، ولا هم منها يخرجون، جزاءً بما كانوا بآياتنا يكفرون.