10 - {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا ... } الآية:
أَي: أنه - جل شأْنه - أَوجد في الأَرض جبالا ثوابت حتى لا تضطرب ولا تميد، ليمشى الناس فيها ويترددوا في أمر معاشهم، ويحصلوا أَرزاقهم، ويعمروا تلك الأَرض تحقيقًا لقوله - تعالى -: {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} (?) {وَبَارَكَ فِيهَا} أَي: وكَثَّر في الأرض خبرها، فأجرى فيها عذب الماء، فتنبت الزرع والأشجار، قال - تعالى -: {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} (?). ويسقى الله منه أَنعامًا وأَناسىَّ كثيرا، وأَوجد فيها - سبحانه - البحار نأْكل منها لحما طريا: السمك بأَنواعه وأَشكاله وطعومه، ونستخرج منها حلية نلبسها ونتزين بها: كاللآلئ والمرجان، ونمخر عبابها بالسفن الجوارى التي تنقل الناس من بلد إلى آخر يبتغون من فضل الله رزقا حلالًا طيبا، فيتبادل الناس المنافع والخيرات {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} أَي: قدر - سبحانه - أَن يوجد من الأنواع المختلفة ما يناسب كل إقليم وبلد، وخص أماكن بأنواع من النبات والثمرات والمعادن التي تدخل في الصناعات، وجعل بعضا آخر من تلد النعم في بقاع أُخرى ليكون كلٌّ في حاجة إلى غيره فتعمر الأرض، ويتعارف الناس، ولله در القائل:
الناسُ للناس من بَدْوٍ وحاضرة ... بعضٌ لبعض وإن لم يَشْعُرُوا خَدَمٌ
{فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} قد يخطر على الذهن أنه - تعالى - جعل في الأرض رواسى وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في زمن مقداره أربعة أَيام، وهذا خطأٌ لأَنه يترتب عليه أَن الله خلق الأرض وما عليها في ستة أيام: يومين لخلق ذات الأرض وأَربعة أَيام لخلق ما عليها.
ووجه الخطأ في ذلك أن الله - تعالى - خلق السموات والأَرض وما بينهما في ستة أيام، (?) فوجب تأْويل الآية ليبقى يومان من السِّتَّة لخلق السموات، وذلك بتقدير مضاف، أَي: