المفردات:
{حَتَّى إِذَا هَلَكَ} أي: مات، يقال: هلك الشيء هلكًا وهلاكًا وهلوكًا ومهلكًا، بفتح الميم، وأما لامها فمثلثة، والاسم: الهُلْكُ مثل قُفْل.
{مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ} أي: مشرك مرتاب بمعنى: شاك في وحدانيته - تعالى -.
{بِغَيْرِ سُلْطَانٍ}: أي: بغير حجة وبرهان.
{كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ} أي: عظم جدالهم بغضًا عند الله.
{كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} أي: كما طبع الله وختم على قلوب هؤلاء المجادلين فكذلك يختم على كل قلب متكبر جبار حتى لا يعقل الرشاد ولا يقبل الحق.
التفسير
34 - {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ}:
قيل: إن هذا من قول موسى - عليه السلام - وقيل: هو من تمام ونمط مؤمن آل فرعون. ذكَّرهم قديم عتوهم على نبيهم: يوسف بن يعقوب (?) بعثه الله رسولًا إلى القبط من قبل موسى. وأيده بالآيات الظاهرة الدالة على صدقه، وقال ابن جريج: أيده بالبينات وهي: الرؤيا، كذلك قال، والله أعلم بهذه البينات التي أيده الله بها.
{فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ} من الدين أي: أسلافكم كانوا في شك، فنسب ما للآباء إليهم، لاشتراكهم في الضلال والتكذيب، وقد دعاهم إلى عبادة الله وحده فقال: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} (?). واستمر يدعوهم إلى دين التوحيد حتى {إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا} ضموا إلى الشك في رسالته تكذيب رسالة من بعده.
{كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ} أي: مثل هذا الإضلال الشديد يضل الله من هو مسرف في العصيان شاك فيما تشهد به البينات، لتعصبهم لدينهم، والإمعان في التقليد.