ويرجح ابن كثير الرأى الأول ثم يقول: بل هو الصواب الذي لا شك فيه.

واستعمال الإماتة في ذلك على سبيل التجوز، والمراد: جعل الشيء لا حياة فيه، وليس على معنى صرف الحياة عنه بعد أن كانت موجودة فيه، كما تقول: ضَيَّقَ فَمَ القربة، أي جعله ضيقا, وليس على معنى أنه كان واسعًا فضيقه.

ويلخص ابن كثير مواقف الكفار في يوم القيامة فيقول: والمقصود من هذا كله أن الكفار يسألون الرجعة وهم وقوف بين يدي الله في عَرَصات القيامة كما قال: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (?). فلا يجابون ثم إذا رأوا النار وعاينوها ووقفوا عليها , ونظروا إلى ما فيها من العذاب والنكال، سألوا الرجعة أشد مما سألوا أول مرة فلا يجابون، قال الله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (?) فإذا دخلوا النار وذاقوا مسها وحسيسها ومقامعها وأغلالها، كان سؤالهم للرجعة أشد وأعظم: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} (?)، {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} (?) وفي هذه الآية الكريمة تلطفوا في السؤال، وقدموا بين يدي كلامهم مقدمة، وهي قولهم: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} أي: قدرتك عظيمة, فأنت قادر على ما تشاء، وقد اعترفنا بذنوبنا، وأننا كنا ظالمين لأنفسنا في الدار الدنيا: {فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} فهل أنت مجيبنا إلى أن تعيدنا للدار الدنيا، فإنك قادر على ذلك، لنعمل غير الذي كنا نعمل، فإن عدنا إلى ما كنا فيه فإنا ظالمون، فأجيبوا: أن لا سبيل إلى رجوعكم إلى الدنيا، وهذا الجواب ملحوظ غير ملفوظ، وقد دلت عليه الإشارة في قوله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015