وقيل: المعنى اصبر على قولهم واذكر لهم قصص الأنبياءِ لتكون برهانا على صحة نبوتك. ذكره القرطبي.
{ذَا الْأَيْدِ} أَي: ذا القوة في الدين والدنيا، شديد البطش في مخالفة الله، كثير الصبر على عبادته وطاعته، {إِنَّهُ أَوَّابٌ}: إنه كان رجَّاعا إلى الله وطاعته في جميع أَحواله وكل أموره وشئونه، أخرج الدَّيْلمي: عن مجاهد قال: سألت ابن عمر عن الأَواب فقال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "هو الرجل يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر الله تعالى" قال ابن كثير: ثبت في الصحيحين عن رسول الله أنه قال: "أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله - عَزَّ وَجَلَّ - صيام داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه, وينام سدسه, وكان يصوم يوما ويفطر يوما, ولا يَفر إذا لاَقَى، وأنه كان أَوَّابا" والتعبير بعبدنا إظهار لشرفه بهذه الإضافة.
18 - {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ}:
استئناف لبيان قصته - عليه السلام - ويجوز أن يكون تعليلا لقوته في الدين وأوَّابيته إلى الله - عَزَّ وَجَلَّ - وإيثار ذكر لفظ "معه"، على "اللاَّم" في الآية الكريمة لأن تسخير الجبال له لم يكن بطريق التَّفويض بالتصرف المطلق فيها كتسخير الرِّيح لسليمان بل بطريق الاقتداء في عبادة الله - تعالى - أَي: إنَّا ذلَّلنا له الجبال وسخرناها تسبح معه آخر النهار ووقت الضحى، رُوى عن أَم هانئ بنت أبي طالب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى صلاة الضحى وقال: "هذه صلاة الإشراق" وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد: عن عطاء الخراساني أن ابن عباس قال: لم يزل في نفسي من صلاة الضحى شيءٌ حتى قرأْت هذه الآية {يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ} وفي رواية عنه أَيضا: ما عرفت صلاة الضحى إلاَّ بهذه الآية، وللعلماء في صلاة الضحى كلام طويل والحق سنِّيتها، وقد ورد فيها - كما قال الشيخ ولي الدين بن العراقي - أحاديث كثيرة مشهورة حتى قال محمد بن جرير الطبري: بلغت مبلغ التواتر، وذكر الشافعية: أنها أفضل التطوع بعد الرواتب، لكن النووي قدَّم عليها صلاة التَّراويح، وأقلها ركعتان، لخبر البخاري: عن أبي هريرة