المفردات:
{بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ}: وصل إلى رتبة أَن يسعى مع والده في أَعماله، ويعاونه في حوائجه.
{تَرَى} أَي: تشير وتفكر، مأْخوذ من الرأْي.
التفسير
102 - {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}:
جرى الأُسلوب في هذه الآيات على نمط القصص القرآني بطيِّ ما يقتضيه السياق وحذف ما ترشد إليه أَحداث القصة، والمعنى: وهبنا له هذا الغلام الذي استوهبنا إياه وبشرناه به، {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} أَي: فلما اشتد عوده وبلغ رتبة أَن يسعى مع أَبيه ويعينه في أعماله، ويساعده على حوائجه كاشفه بواقع الأمر وصارحه بحقيقته فناداه بإِشفاق وتحنن {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} أَي: فتأَمل هذا الأَمر، وَأَدِرْ فيه رأْيك، وأَشر عليَّ بما يستقر عندك.
وإنما شاوره - وهو حتم لا خيار فيه - ليعلم ما عنده ويهيئه لقبول ما نزل من بلاءِ الله - عز وجل - فيثبت قدمه إِن جزع، وليوطن نفسه فيهون الأَمر عليه ويكتسب المثوبة بالانقياد لأَمر الله - تعالى - قبل نزوله خوفًا من المفاجأَة، ولتكون سنة في المشاورة.
{قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} أَي: فأَجاب الغلام أَباه في طمأْنينة وصدق امتثال: يا أَبت افعل ما تؤْمر به، ونفِّذ ما أَراكه الله، ستجدني إِن شاءَ الله من جملة الراضين بأَمر الله، الصابرين على قضائه، المذعنين لمشيئته وحكمه.
قال بعض أَهل الإشارة: فلما استثنى (?) وفقه الله للصبر.
قيل: إِن إبراهيم - عليه السلام - رأَى ليلة الثامن من ذي الحجة كأَن قائلا يقول له: إن الله يأْمرك بذبح ابنك هذا، فلما أَصبح روَّى في ذلك من الصباح إِلى الرواح، قائلا